نأخذ الآن القضية الأولى وهي مصادر تلقي الدين؟
يعني كيف نتلقى الدين؟ من أين نتلقى الدين؟
ما هي الجهة التي نتلقى بها الدين؟
هذه قضية عقدية كبيرة ومهمة جدًّا، وقضية منهج تلقي الدين يجب أن تخضع للتحميص، فكل إنسان يجب أن يمحص من أين أتلقى الدين؟ فليس مجرد أن يقالل لي: اقرأ هذا، أو ادرس هذا، أو غير ذلك.. لا، يجب أن يُمحص. ولذلك فإن الله -عز وجل- دائماً يقول في القرآن: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ﴾ [النساء: 82]، ﴿ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50]، أي: أعْملْ ذهنك، وتأملْ ذلك.
ولذلك مصادر تلقي الدين هو كتاب الله، المصدر الأول لتلقي الدين هو كتاب الله تعالى.
المصدر الثاني: سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-
سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ماذا يدخل فيها؟ قوله وفعله وتقريره -عليه الصلاة والسلام-، كل ذلك داخل فيها، هل يدخل فيها الأحاديث الضعيفة والموضوعة؟ تُقبل هنا؟ لا، لا تُقبل، وإنما تكون للأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا الإجماع، والإجماع هنا مبني على كتاب الله وعلى سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك يُعرِّفون منهج تلقي الدين بأنه: الطريقة التي يُستمد منها الدين عمومًا، والعقيدة خصوصًا، من حيث المصادر والأسلوب أو الاستدلال، بحيث إن الإنسان يَعرف كيف يأخذ هذا الدين، يأخذه من حيث هذه المصادر، من هذه المصادر وبهذه الطريقة، يعني نأخذ بهذه المصادر ومن هذه الطريقة. فلا يمكن للإنسان إلا أن تكون مثل هذه القضية العظيمة -التي فيها نجاته- مُحددةً في ذلك.
ولذلك فإن الله -عز وجل- قال لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في المشهد العظيم والموقف العظيم يومَ عرفة، أكبر جمع في تاريخ رسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث حجَّ معه أكثر من مئة ألف، نزَّل الله عليهم في ذلك المشهد: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] فلذلك الذي لم يرضَ ذلك أو يأخذه من غير الكتاب والسنة؛ فهو لم يرض الإسلام دينًا.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض»، فلذلك المصدر الذي نأخذ منه هو كتابُ الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، والإجماعُ إجماعُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الأُمة بعد ذلك تفرقتْ أما الصحابة فقد اجتمعوا -رضي الله عنهم- في ذلك.
|