للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تفريغ محاضرة " تكوين العقلية الناقدة" للدكتور سلطان العميري.
بسم الله الرحمن الرحيم مركز الفكر المعاصر يقدم " تكوين العقلية الناقدة " , للأستاذ: سلطان العميري " عضوا هيئة التدريس قسم العقيدة بجامعة أم القرى " بسم الله الرحمن الرحيم مركز الفكر المعاصر يقدم "تكوين العقلية الناقدة" , للأستاذ: سلطان العميري "عضوا هيئة التدريس قسم العقيدة بجامعة أم القرى" فهرس المواضيع مفهوم العقلية الناقدة المجال الأول: هو أن يبني أفكاره بصورة مقنعة للآخرين بحيث يُقتنع الناس بالحق. المجال الثاني: أن يبني مواقفه - النقدية - من الآخرين أيضًا يبنيها بصورة تُحدث القناعة عند المشاهدين والمستمعين ونحو ذلك. أهمية العقلية الناقدة المـُعطى الأول: حتمية المخالفة. المعطى الثاني: أن الواقع يتمتع بتنوعات هائلة من المعارف وباختلافات واسعة من المواقف. المعطى الثالث: الحاجة إلى المناعة الفكرية. المعطى الرابع: هدف الإجابية المعرفية. النافذة الأولى: نافذة الانفتاح وعدم الانفتاح. النافذة الثانية: هي نافذة الايجابية المعرفية التي تقتضى التأثير وعدم التأثر. مناهج صناعة العقلية الناقدة الطريق الأول: تَفْعِيل منهجية المحدثين في نقد الحديث. الطريق الثاني: تَفعيل المخزون الفلسفي في الشريعة. الطريق الثالث: تفعيل دور الكتب المؤلفة في آداب البحث والمناظرة. الطريق الرابع: إقامة دراسات مكثفة عن الشخصيات التي تميّزت وعُرفت بالعقلية الناقدة. الطريق الخامس: العقلية الناقدة تحتاج إلى التطبيق العملي من تقديم بحوث ومُخرجات ومنتجات فكرية تتصف بالعقلية الناقدة. المواقف من العقلية الناقدة أبعاد العقلية الناقدة البعد الأول: البُعد المعرفي. البُعد الثاني: البُعد النفسي. تكوين العقلية الناقدة المرتكز الأول: تأسيس أصول البناء (ماصَحَّت بدايتُه صحت نهايته). المرتكز الثانى: التوجه نحو الجذور. المرتكز الثالث: فتح الأبواب والنوافذ حول الأفكار. المجال الأول: هناك أسئلة تتعلق بطبيعة المنطق. المجال الثاني: طبيعة الاصول الفلسفية التي كان أرسطو يراعيها في بناء نظرياته المنطقية. المجال الثالث: طبيعة النظريات الفلسفية التي قدمها أرسطو ومدى موافقتها لقطعيات الشريعة عندنا. المرتكز الرابع: تحقيق التوازن في المستندات. المرتكز الخامس: الحفاظ على المسافات الفاصلة. المرتكز السادس: الإعتماد على الأوصاف المؤثرة (تفعيل البرهان). المرتكز السابع: البحث عن المصادر الموثوقة في بناء الأفكار وفي محاكمة الأفكار المنقودة. المرتكز الثامن والأخير: الصرامة في الأخذ بالمباديء. أحييكم أولًا على هذا الحضور الجميل, وهذا الحضور الذي يشرفني أنا أولًا, أود قبل أن أدخل في المحاضرة أن أنبِّه على أنَّ هذه المحاضرة ليست أفكارًا مُنجَزة إنما هي تفكير مِنِّي بصوت مرتفع حول هذا الموضوع, نحاول أن نُرَتِّبَ بعض الأفكار حوله وبعض المضامين التي تجعل فكرتنا حول العقلية الناقدة فكرة مُتَّسِقَة ومتكاملة. موضوعنا الليلة كما ذكرنا هو "تكوين العقلية الناقدة", وفي تَصَوُّرِي أنَّه قبل أن ندخل في التكوين لابد أن نتحدَّث عن: ما هي العقلية الناقدة ؟ ماذا نقصد بالعقلية الناقدة ؟ مفهوم العقلية الناقدة إذًا هذا هو معنى النَّقد الذي نقصده, ليس النقد الذي نقصده هو الرَّد والإبطال وإنَّما الفحص والاختبار. وبناءً عليه يكون المراد بالعقلية الناقدة هي العقلية التي لديها القدرة على فحص المقالات وفحص المواقف حتى نتأكد من صحتها ومن خطئها. ويُقصد بها أيضًا بتعبيرٍ آخر, أنَّ العقلية الناقدة هي: إدراك كيفية بناء الأفكار بطريقة صحيحة, وإدراك أيضًا طريقة فحص الأفكار المخالفة لفكرتي ولموقفي بطريقة صحيحة, هذا هو المراد بالعقلية النقدية من طريقٍ آخر. إذًا, محاضرتنا والتي هي "تكوين العقلية الناقدة" تُجيب على سؤال هو: كيف أتعامل مع الأفكار بشكلٍ صحيح ؟ كيف أستطيع أن أكوِّن رؤية أو منطومة أستطيع أن أنزِّلها على الأفكار التي أعيشها من حولي وفي حياتي ؟ وأيضًا سؤال آخر مُلِح: كيف أبني موقفًا مُقنعًا للآخرين, يؤسس القناعة عند الآخرين ؟ لأن في كثيرٍ من المواقف يُرَد الحق لا لأن الرَّادَّ لا يُريد الحق وإنَّما لأن صاحب الحق ما استطاع أن يَبنيه بصورة صحيحة تؤسس القناعة عند المستمع أو عند القارىء. إذًا صاحب الحق يحتاج إلى تكوين العقلية الناقدة في مجالين: المجال الأول: هو أن يبني أفكاره بصورة مقنعة للآخرين بحيث يُقتنع الناس بالحق. المجال الثاني: أن يبني مواقفه - النقدية - من الآخرين أيضًا يبنيها بصورة تُحدث القناعة عند المشاهدين والمستمعين ونحو ذلك. أهمية العقلية الناقدة في تصوري أن هناك عدَّة مُعطيات تبين لنا أننا فعلًا في حاجة مُلحَّة وماسَّة لتكوين هذه العقلية حتى نتجاوز الكثير من الإشكاليات الموجودة. المـُعطى الأول: حتمية المخالفة. لا يمكن للناس أن يَتَّفِقُوا على قولٍ واحدٍ, وبناءً عليه: المقتضى الضروري لهذه المعلومة هو أنَّ الخلاف موجود بالضرورة بين النَّاس, فإذا كان الخلاف موجود بالضرورة بين النَّاس هذا يقتضي بالضَّرورة أنَّ الإنسان سيتخذ مواقف من الآخرين المخالفين له, فإذا كانت هذه الضرورات كلها المتراكمة والمترابطة موجودة إذًا هذا يستوجب على الإنسان أن يكون عنده وَعي بالطريقة التي يبني بها المواقف الناضجة والصحيحة. إذًا العقلية الناقدة بناءً على حتمية المخالف: تُؤسس عندنا أو تساعدنا على الوَفاء بالواجبات المعرفية, لأنَّ تأسيس الموقف الرَّشيد من المخالف لك - بحيث يكون موقف ناضج ومعتدل وصحيح ومقنع - واجبٌ شرعًا وواجبٌ معرفيًا, يعني هو واجب من حيث الشريعة يعني لكي لا تنتقص الآخرين وواجبٌ أيضًا معرفيًا لأن الآخرين حين تنقضهم لا يمكن أن يقبلوا قولك إلا إذا كان قولًا أو موقفًا أو نقدًا مُقنعًا, إذًا العقلية النقدية تؤسس عند الإنسان مهارة للوفاء بالواجبات المعرفية التي تتطلبها ضرورة وجود الخلاف. المعطى الثاني: أن الواقع يتمتع بتنوعات هائلة من المعارف وباختلافات واسعة من المواقف. هذه التنوعات وهذه الاختلافات توجب على الإنسان أن يَحرص على تكوين العقلية الناقدة عنده, لماذا ؟ حتى يَخرج من التفكير الإسفنجي. التفكير الاسفنجي: هو التفكير الذي لا يستطيع أن يميز الإنسان فيه بين الأفكار الصحيحة والباطلة, هو مثل الاسفنجة يتقبل أيَّ فكرة, هذا التفكير خطيرٌ جدًا في حالة التنوع المعرفي الموجود, كيف يستطيع الإنسان أن يخرج بموقف رشيد من حالة التنوع الموجود ؟ لا يستطيع , وأحد الأسباب التي تأسس له الخروج بموقف ناضج هو أن يكون العقلية الناقدة. المعطى الثالث: الحاجة إلى المناعة الفكرية. نحن في حاجة تكوين العقلية الناقدة لأنه في زمن الهزيمة النفسية وهَيمنة الحضارة الغربية نحتاج إلى تعزيز العقليات التي تحدث عندها ما يسمى بالمناعة الفكرية. والمناعة الفكرية أحد أقوى طُرُقِ تَأسيسها هو: أن تكون عند الإنسان عقلية ناقدة يستطيع أن يؤسس بها المناعة بحيث يُمَيِّزُ بين الأفكار الصحيحة والباطلة, وبالمناسبة تأسيس المناعة العقلية هو في الحقيقة نوع من التجديد الذي جاء ممدوحًا في الشريعة, الشريعة حين مدحت التجديد, الأمة تحتاج إلى تجديد في الدين, ومن طرق التجديد في الدين أن يجدد الإنسان الوعي العقلي عند المسلمين وعند متطلبي المعرفة والعلم, ومن صور تجديد الوعى المعرفي هو أن يثير المضامين التي تأسس العقلية الناضجة. المعطى الرابع: هدف الإجابية المعرفية. تكوين العقلية الناقدة له دورٌ كبيرٌ في تحقيق الايجابية المعرفية, إذا وُجِدَ التنوع وَوُجِدَتِ الانهزامية المعرفية في هذه الحالة يَتَحَتَّمُ علينا أن نلتفت بشكل كبير إلى هدف الإيجابية المعرفية, ولا يمكن أن تكون عندنا إيجابية معرفية, ولا أقصد بها أن يكون موقفنا من الآخرين هو: أن نأخذ أو لا نأخذ, هذه ليست إيجابية معرفية, ما يسمى عندنا بالانفتاح وضوابط الانفتاح. دخولك إلى الآخرين يمكن أن يكون من عدة نوافذ: النافذة الأولى: نافذة الانفتاح وعدم الانفتاح. النافذة الثانية: هي نافذة الايجابية المعرفية التي تقتضى التأثير وعدم التأثر. يجب أن يكون من همومنا نحن في هذا العصر ليس فقط: هل نفتح على الآخرين, أم لا ؟ وإنَّما كيف نؤثر في الآخرين وكيف لا نتأثر بهم, هذا هو البحث أو الانطلاق من نافذة التأثير, والتأثر هو ما أقصده بالايجابية المعرفية. كثيرًا ما تحدثنا عن الانفتاح ولكن التركيز على الانفتاح ليس منهجيًا بشكلٍ كبير, وإنما الأفضل التركيز على الايجابية المعرفية التي تقتضى البحث في التأثر والتأثير, فإذا كانت هذه هي النافذة التي نَنْفُذُ بها إلى العالم من حولنا, هذا يتطلب علينا أن تكون عندنا مهارة التفكير الناقِد, لانه لا يمكن أن تنجح في الإيجاببة المعرفية بحيث تؤثر في الاخرين وتحدث عندهم قناعة بمواقفك ويكون عندك أيضًا مَلَكَة في تمييز ما عندهم من حق وصواب, إلَّا إذا كانت عندك عقلية ناقدة. هذه المعطيات الاربع تُبَرِّرُ لنا مثل هذا اللقاء وتبرر لنا الحديث عن تكوين العقلية الناقدة لانها تُبَيِّنُ لنا الأهمية المـُلِحَّة للعقلية الناقدة. مناهج صناعة العقلية الناقدة ماهي المناهج المقترحة لصناعة العقلية الناقدة ؟ طبعًا هناك مناهج متعددة, نسمع كثيرًا أن الذي يريد أن يكون عنده عقل ناقد وعقل مُمَيِّز عليه أن يدرس الفلسفة أو يدرس المنطق, وطبعًا, وهذا كثيرًا ما يُذكر هذين المنهجين, وهذا ليس دقيقًا إنما هو انخداعٌ بالاسماء, الفلسفة والمنطق هي في حاجة إلى عقلية ناقدة, هي في حاجة إلى تصحيح الاخطاء المعرفية والمنهجية الموجودة فيها, وليس صحيحًا أن نَبني عقلية ناقدة ناضجة بمنهجية ليست ناضجة بالنهاية فيها أخطاء منهجية كبيرة تنحرف بالذهن البشري إلى مناطق أخرى لا يمكن أن يَتَحَقَّق من صدقها ومن خطئها سواءً كانت الفلسفة اليونانية أو الفلسفة الغربية وكذلك المنطق الأَرِسْطِي أو المنطق الغربي = كل هذه المناهج التي أَرادت صناعة العقل هي مناهج تحتاج إلى إعادة تَكرير وإعادة صناعة لانها مليئة بالاخطاء, إذا كان الامر كذلك, فما هي المناهج التي تساعدنا على تكوين العقلية الناقدة؟ أنا حاولت انني أَحْصُر بعض المناهج وبعض الطُّرق التي نستطيع أن نصنع بها العقلية النافدة, من أول المناهج: الطريق الأول: تَفْعِيل منهجية المحدثين في نقد الحديث. منهجية المحدثين في نقد الحديث منهجية عقلانية وصارمة جدًا, بل إنَّ العيش مع هذه العقلية - عقلية المحدثين - يعطي الذهن مَلكة في التَّمحيص الدقيق للمقالات, والبحث عن جميع المؤثرات حول المعلومة, طبعًا المحدثين يبحثون حول النص أو ناقل النص نحن نريد أن ننقل هذه المنهجية التي طبقوها على تنوعات ظاهرة من الحديث: يعني أحاديث باطلة وأحاديث موضوعة ومئات الرجال, ومع هذا استطاعوا أن يميزوا بين الصحيح وبين الضعيف بكل جدارة, هذا يدل على أن العقلية أو المنهجية التي أتوا بها منهجية صلبة, منهجية ثرية, نحتاج أن نُفَعِّلَهَا في تكوين العقلية الناقدة التي ندعوا إليها وَسَنُبَيِّنُ معالمها. الطريق الثاني: تَفعيل المخزون الفلسفي في الشريعة. في تراثنا الإسلامي والسلفي بالخصوص عدة مناجم؛ عندنا مناجم: مخزون سياسي, ومخزون فلسفي, ومخزون فقهي, - عندنا مخازين كبيرة, خزانات ضخمة - نحتاج أن نفعِّل هذه المناجم وَنُنَقِّبُ فيها ونستخرج المضامين الفلسفية في المجال الفلسفي, والمضامين السياسية في المجال السياسي, والمضامين المنطقية في المجال المنطقي, ونحو ذلك ... وعندنا مخزون ضخم جدا مُوَزَّع في التراث الإسلامي وفي النصوص الشرعية, لو فعّلنا هذا الجانب سنمتلك مهارات كبيرة في تكوين العقلية الناقدة. الطريق الثالث: تفعيل دور الكتب المؤلفة في آداب البحث والمناظرة. لدينا أيضًا عدد كبير من الكتب المؤلفة في آداب البحث والمناظرة؛ سواء على جهة الاستقلال أو في أواخر كتب أصول الفقه, العلماء في هذا المبحث كان هدفهم أن يبيِّنوا كيف يستطيع الإنسان أن يتناظر مع المخالف له, وكيف يستطيع أن يستعمل أساليبَ تُحِدث القناعة عند المستمع له. إذن هذه الكتب فيها قدر كبير من المضامين التي تؤسس عندنا العقلية الناقدة. الطريق الرابع: إقامة دراسات مكثفة عن الشخصيات التي تميّزت وعُرفت بالعقلية الناقدة. طبعًا الشخصيات ضخمة في التاريخ الإسلامي ولكن من أبرزها: ابن حزم, ابن تيمية, ابن القيم, والأئمة المتقدمين في الحديث خاصة, ومن المعاصرين: طه عبد الرحمن, المـَسيري عبد الوهاب, هؤلاء استعملوا في كتاباتهم عقلية ناقدة, فكون الإنسان يقرأ لهم فإنَّ ذِهنيته ستتبرمج تلقائيًا بالعقلية الناقدة وسيكتسب مهارات عن طريق القرآءة تؤهله لأن يكون صاحب عقلية ناقدة. الطريق الخامس: العقلية الناقدة تحتاج إلى التطبيق العملي من تقديم بحوث ومُخرجات ومنتجات فكرية تتصف بالعقلية الناقدة. لأن الإنسان كونه يقرأ في هذه المخرجات الفكرية سيستفيد معلومات وسيستفيد امتلاك المهارات عن طريق قرآءة هذه الكتب, وأكثر ما يكتسبه الإنسان - خاصة في المهارات - كما سيأتي معنا ليس عن طريق معلومات وإنما هو عن طريق المـُزَاوَلَة, إما أن يُزاول هو بنفسه, أو يعيش مع من يزاول هذه العملية كما سيأتي مع بعض الأمثلة. هذه أهم الطرق التي تؤسس عند الإنسان العقلية الناقدة, وهذه الطرق التي ذكرتها تُغنينا كثيرًا عن الطُّرُقِ الأخرى التي ذُكرت في سواءً المنطق أو الفلسفة أو العيش مع بعض المناهج الأخرى التي ليست هي مُنْضَبِطَةٌ في نفسها. يذكر ابن تيمية في الرد علي المنطقيين عبارة جميلة - ربما تنفعنا في بعض العلوم الآخرى أو كيف نستفيد من الفلسفة المنطق الرياضيات وغيره -، يقول: وكان كثير من أئمة السلف المتقدمين يدعون تلاميذهم إلى القراءة في العلوم الصعبة كالجبر والرياضيات والمواريث لا لشىء إلا لأن أذهانهم ستتعود على الغوص في المعاني الصعبة فَتَتَفَتَّقُ الأذهان وتكون عندهم مَلَكَة في التعامل مع مثل هذه المسائل, وهذا ممكن أن ينفع معنا في قراءة العلوم المعقدة لتكوين العقلية الناقدة. المواقف من العقلية الناقدة أقصد المواقف الموجودة في عصرنا, طبعًا هناك موقف غالٍ جدًا في تكوين العقلية الناقدة يدعوا اليها بِغُلُوٍ حتي مثلا محمد أركون يقول: وظيفة المثقف أَشْكَلَتُ التراث, إثارة الأشكلة فقط, طيب, ثم ماذا ؟! يعني يكون عنده أسئله أسئله فقط, ثم ماذا ؟! هذا غلو في الدعوة إلي العقلية الناقدة. ونسمع أنً كثير من المثقفين حين يُعَرِّفُونَ المثقف أو يذكرون أبرز خصائصه, يقول هو: المثقف هو الثائر هو المعترض على السَّمْتِ الموجود: سواء السمت السياسي, أو الثقافي, أو المجتمعي, هذا التعريف غالٍ في الدعوة الى العقلية الناقدة. نسمع كثيرًا الانَ في مواقع التواصل الاجتماعي: أنه يجب علينا أن نثور على الوِصَايَة الفكرية, لا توجد وصاية ليس هناك أحد خاضع لأحد, كل هذه العبارات هي تَمَثُّلات لموقف الغلو في تكوين العقلية الناقدة. هناك موقف آخر هو الموقف الجَافِي يدعو بلسان حاله أو بلسان مقاله - وهذا قليل - أنه يا جماعة خلونا على ما نحن عليه, نحن في خير, ونحن طريقتنا صحيحة, ونحو ذلك من الأساليب, وهذا أيضًا موقف لا نُحَبِّذُه وإنما لابُدَّ أن نُفَكِّر بتفكير جاد لنقد ذلك الموقف ولتجاوز هذا الموقف الذي يقول دعونا علي ما نحن عليه, ونقد وبيان ما فيه من خلل وأنَّ هذا يدعو إلى رقود عقليتنا وأنها تُصبح عقليات لا تستطيع ان تُواكب مَسيرة الافكار المتدفِّقة على واقعنا. أبعاد العقلية الناقدة البعد الأول: البُعد المعرفي. ومعناه أن يكون عند الإنسان مضامين معرفية يستطيع أن يُسَيِّر عليها عقله ومبادئه, ومبادئ يستطيع أن يسيِّر عليه عقله حين يريد بناء فكرته أو نقد موقف المخالف له. البُعد الثاني: البُعد النفسي. وهناك أيضا البُعد النفسي, أو البعد الذي يمثل المهارة؛ امتلاك مهارة لتصبح سجيّة عن الإنسان, وهذا البعد لايمكن أن يَتحقق للإنسان بمجرد المعرفة, وإنما لابد من الممارسة؛ وكما يقول ابن القيم في شعار جميل: كثرة المزاولات تعطي الملكات, فلا يمكن للإنسان أن يكون صاحب عقلية ناقدة بالملَكة - بالسجيّة - إلا إذا مارس وَطَبَّقَ في حياته العملية, فإذا مارس وطبق, ستنتقل كثير من المعلومات التي عرفها وحفظها؛ ستنتقل إلى سجيَّةٍ في حياته يُطَبِّقها تلقائيًا. كل الذي ذكرته سابقا هو عبارة عن تبرير لهذه الحلقة, عبارة عن مقدمات نظرية. تكوين العقلية الناقدة ماهي المرتكزات التي تقوم عليها العقلية الناقدة ؟ وهذا أيضًا جانب عملي مهم. لا أزعم أني استوفيت كل المرتكزات, لكني أزعم أني أتيت بأهم المرتكزات التي تنفع المتابع للفكر في تكوين عقلية ناقدة وناضجة في التعامل مع سِجَالِنَا المعرفي الموجود الان. المرتكز الأول: تأسيس أصول البناء (ماصَحَّت بدايتُه صحت نهايته). هذه قاعدة لا بُدَّ أن تكون عندنا ظاهرة جدًا, فَمِنَ المهم جدًا أن تكون بناءآتنا الأولى مبنية على أساس صحيح؛ بحيث تكون مستوعِبة وقواعد صَلبة ومؤهَلة للإنطلاق, ويقول بعض الحُكماء: إذا أرَدتَ أنْ يكونَ قفزُك قويًّا عليك أنْ ترجعَ قليلا إلى الوراءِ؛ ترجع قليلًا إلى الوراء بحيث إذا قفزتَ تقفز بقفزة مُحكمة. قليلًا إلى الوراء معناها أن ترجع إلى الأصول التي عندك, ثم تقفز في معالجة واقعك, إذا كانت أصولك غير مهيئة للارتكاز أو ليست صُلبة أو ممكن تكون صُلبة ولكن ليست موجهة بحيث تتركز إليها فتنطلق؛ في كلا الحالتين سيكون انطلاقك وقفزك غير متقن, وإذا كان قفزك غير متقن ستتضرر أنت وستضرر الفكرة التى ستدعو إليها, إذن التأسيس الصحيح للأصول وبنائها بصورة صحيحة مهم جدًا فى تكوين القاعدة التى يمكن الانطلاق منها وتحقيق القفز المناسب. المرتكز الثانى: التوجه نحو الجذور. هناك فرق بين التعامل مع الأفكار وبين التعامل مع النظريات، كثيرَا ما نتعامل مع الأفكار وهذا أَضَرَّ بِنَا كثيرًا, إن أردنا ان نكون أصحاب عقلية ناقدة علينا أن نبتعد عن الأفكار - التي هي المخرجات - ونغوص حتى نستخرج النظريات. طبعًا نحن لنا نماذج وتجارب كثيرة فى النقد: سواء نقد علم الكلام, أو علم الحداثة, أو الاتجاه الحداثي, أو الإتجاه الليبرالي, أو غيره (...) هذه التجارب النقدية فى كثيرٍ من صورها ومظاهرها لم تكن متقنة, لماذا؟ لأنها كانت تتعامل مع مقالات: ماذا يقول المعتزلة, ماذا يقول الأشاعرة, ماذا يقول, وماذا يقول (...), لو تركنا ماذا يقولون وذهبنا إلى لماذا قالوا هذا القول - التى هى النظرية - سنكون حققنا بعض مَعالم أو بعض المرتكزات التي تقوم عليها العقلية الناقدة. وكذلك هناك فرق بين البحث فى منهجية الاستدلال التي اوجبت ذلك المـُخرج وبين التعامل مع المخرج لمجرده. الحداثي مثلا حين يقول بأن القرآن ليس له معان مُحددة أو يُفَرِّقُ بين النص المكتوب والنص المقروء, هذا مُخرج! هذا المخرج مبني على قاعدة سابقة, إن تعاملنا مع هذا المخرج فقط وبدأنا نرد عليه ونأخذ ونعطى معه وغضضنا الطرف عن الأساس الذى بناه عليه لم نفعل شيئًا, نحن لم نَحُلَ المشكلة, وإنما فى النهاية أجَّلنا المشكلة وتأجيل المشكلة ليس حلا لها ! الحل هو أن نُزيل هذه المخرجات عن الطريق ونغوص حتى نصل إلى القواعد ونتعامل ويكون جدالنا حول القواعد نفسها. المرتكز الثالث: فتح الأبواب والنوافذ حول الأفكار. الفكر الإنساني غالبًا فكر مُرَكَّب, ليس فكرًا مجردًا, وخاصة أصحاب المناهج التي تريد أن تُسَيِّر الحياة أعني المنهج الحداثي والمنهج الكلامي وغيره, هو ليس مجرد فكرة ظهرت هو عبارة عن منظومة متراكبة, إذن إن أردنا أن نتعامل مع هذه الجزئية الموجودة فى هذه المنظومة علينا أن يكون عندنا أدراك لهذه المنظومة كلها. الذي يريد أن يتعامل مع الفكرة هو كالذي يريد ان يستأجر بيتًا لا يكتفي بمجرد النظر من الخارج وينظر إلى الشبابيك وإلى الأبواب ويقول اكتفيت قيمت البيت ! ولو فعل ذلك سيكون مذموماً عند الناس, ولكن عليه أن يدخل البيت ويفتشه غرفة غرفة ويشوف جميع الجزئيات التي في البيت, إن فعل ذلك سيكون فعل الواجبات عليه في شراء البيت. كذلك من أراد أن يتبنى فكرة أو أراد أن يرد على فكرة عليه أن يدخل في جميع فقرات هذه الفكرة, يدخل في جميع أبوابها وشبابيكها ويفحصها فحصاً دقيقاً: أي فتح النوافذ والأبواب حول الفكرة, ويثير حولها الأسئلة حتى يستطيع أن يتأكد من صحتها إن كانت صحيحة ومن خطئها إن كانت خاطئة. فتح الأبواب والنوافذ يمكن أن يحققه الإنسان بصياغة أخرى وهي ما أسميه هنا: تفعيل أسئلة الفحص. عندنا أسئلة معرفية ضروري الإنسان يفعلها في حياته دائماً تكون عنده في حياته, إذا مرت عليه فكرة تكون هذه الأسئلة حاضرة في ذهنه ويبدأ يثيرها عليه يطرحها على هذه الفكرة حتى يحاول أن يتأكد من جميع فقرات الفكرة, طبعاً أنا طبقت أسئلة الفحص على النموذج الحداثي "الخطاب الحداثي" طبعاً نشرته في مقال اسمه: إضاءات في طريق البناء الفكري المتوازن, في هذا المقال حاولت أن أثير أسئلة الفحص على الخطاب الحداثي, فهناك 13 سؤال إن أراد الإنسان أن يبني موقفاً رشيداً حول الخطاب الحداثي عليه أن يبحث عن جواب عن هذه ال13 سؤال في الخطاب الحداثي, طبعاً لا أستطيع أن أذكر كل الأسئلة ولكن هناك أسئلة تتعلق بالمناهج التي أعتمدها الخطاب الحداثي, وهناك أسئلة تتعلق بالمواد التراثية التي قام الخطاب الحداثي بتحليلها, وهناك أسئلة تتعلق بالنتائج التي أستخرجها الخطاب الحداثي, مجموع هذه الأسئلة 13 سؤالاً أزعم أن من أراد أن يَنقد الخطاب الحداثي بناءً على هذه الأسئلة الثلاثة عشر سيبني موقفًا رشيدًا عن الخطاب الحداثي وسيكون موقفه النقدي موقفًا مقنعًا للأخرين؛ لأنه استطاع أن يَدخل إلى الخطاب الحداثي من جميع الأبواب والنوافذ. وهي موجودة في مقال: إضاءات في طريق البناء الفكري المتوازن وهو منشور في موقع رؤى فكرية. في مثال أخر- المثال السابق في نقد الخطاب الحداثي - وهو نقد المنطق, إن أردت أن أتخذ موقفًا رشيدًا من المنطق, ما هي الأسئلة التي أطرحها على المنطق حتى يكون موقفي رشيدًا إن أتخذته ؟ المجال الأول: هناك أسئلة تتعلق بطبيعة المنطق. يعني من عدة جهات يمكن أن أطرح أسئلة: ما طبيعة الأسباب التي أوجبت حدوث المنطق ؟ لماذا أتى أرِسطو بهذا المنطق ؟ ضروري أقدم أسئلة كثيرة تتعلق بهذا الجانب حتى يكون فحصي دقيق لهذه المنظومة التي قدمها أرسطو, وكذلك الطبيعة المعرفية التي كانت عند اليونان التي بناءً عليها سار أرسطو في منطقه. المجال الثاني: طبيعة الاصول الفلسفية التي كان أرسطو يراعيها في بناء نظرياته المنطقية. هذه مجال مهم لابد ان نُثير أسئلة كثيرة في هذا المجال حتى يكون موقفي موقفًا رشيدًا. المجال الثالث: طبيعة النظريات الفلسفية التي قدمها أرسطو ومدى موافقتها لقطعيات الشريعة عندنا. يعني أُحاكم المنطق الأرسطي إلى قَطعيات الشريعة عندنا, في بعض النماذج النقدية للمنهج الأرسطي لم تُفَعِّل كل هذه الجهات الثلاث, بعض النُقَّاد كان يحاكم المنطق إلى لغته, وبعض النقاد كان يحاكم المنطق إلى القطعيات الشرعية عندنا فقط ولم يستوعبوا كل هذه الجهات, - وفي تصوري - أنه لم يوجد أحدٌ في التاريخ استوعب هذه الجهات الثلاث إلا ابن تيمية, وطبعًا أزعم أن هذا استقراء. ابن تيمية حين انتقد المنطق لم يكن نقده من نافذه واحدة وإنما فتح جميع النوافذ والأبواب حول المنطق فاكتشف أن المنطق من الجهة الأولى فيه إشكاليات كثيرة ومن الجهة الثانية فيه أخطاء منهجية ضخمة ومن جهة قطعيات الشريعة إكتشف أن فيه أشياء أخرى تحتاج إلى نقد وتفعيل, ولهذا كان موقفه النقدي الذي اتخده من المنطق موقفًا ناضجًا رشيدًا, لماذا ؟ لأنه استطاع أن يُطَبِّقَ آليات تفعيل العقلية الناقدة وهذه الجهات التي هي أسئلة الفحص حول الأفكار. المرتكز الرابع: تحقيق التوازن في المستندات. إن أراد الإنسان أن يبني فكرة ما: عليه أن يراعي المستندات التي تقوم عليها هذه الفكرة, ثُمَّ يحاول أن يُفَعِّل جميع هذه المستندات التي تؤثر في الفكرة سواءً كانت بنائيةً أو نقديةً. الإشكال عندنا أحيانًا: أن تكون بعض الافكار لها مُستند شَرعي ومُستند عَقلي, فيأتي البعض فيبني الفكرة صحيحة ولكنه حين يُبَيِّن مستندات لا يذكر إلَّا مستندًا واحدًا: المستند الشرعي مثلًا, ولا يفعل المستند العقلي - وفي تصوري - أن هذا خلل في بنية الافكار وهو يضر بالعقلية الناقدة, العقلية الناقدة تراعي جميع المستندات وتحدد طبيعة كل مُستند وتأثيره في الفكرة, وهو أيضًا ما تَمَيَّزَ به التفكير التَيْمِي, التفكير التيمي حين أراد أن يبني مواقفه البنائية أو النقدية من الآخرين: فَعَّلَ جميع المستندات التي تؤثر في الأفكار, فتجد عنده المستند العقلي, والمستند الشرعي طبعًا, والمستند التاريخي, والمستند التجريبي, والمستند النفسي كما فعله في نقد المنطق وبناء نظرياته المنطقية, كل هذه المستندات فَعَّلها ابن تيمية في بناء أفكاره ومواقفه, فكانت أفكاره ومواقفه فعلًا تتصف بالنُّضج والإتقان. المرتكز الخامس: الحفاظ على المسافات الفاصلة. كل إنسان بينه وبين الآخرين مسافات, وهي المسافات التي تُحَقِّق الاختلاف بينه وبين الآخرين - وهذا جانب نفسي مهم جدا -, إن لم يستطع الإنسان أن يُحافظ على هذه المسافات سيحدث عنده اختلال في عقليته, ولن يكون صاحب عقلية ناقدة, فبعض الشخصيات يكون عنده اختلال من جهة القرب فلا يستطيع الحفاظ على المسافة بينه وبين مَن أُعجِبَ به فيقترب منه ويقترب منه حتَّى أنَّه يُصبح مُقلِّدًا له, لأنه لم يستطع أن يُحافظ على المسافة بينه وبين من أُعجب به, سواءً كان شيخًا أو مُفكرًا أو غيره. إن لم يُحافظ على هذه المسافة ستقع عقليته في خَلل ولن يكون صاحب عقلية ناقدة, وبناءً عليه: - قد لا يرى بعض أخطائه. - قد لا يرضى بنقده. - قد يكون مُجرد مُكَرِّر لآراء مواقف من اقترب منه. بعض الأشخاص لم يستطع أن يُحافظ على العقلية الناقدة ولكن في الجهة الأُخرى, أخذ يبتعد كثيرًا, فإذا قرأ لفلان يغضب منه فيبتعد ولا يحافظ على المسافة التي يجب أن تكون بينه وبين هذا الشخص, فَيَتَّخِذ مواقف مُعادية, أو أحكام قاسية لا تتناسب مع هذا الرَّجل الذي يُريد أن يتخذ منه موقف, والسبب أنَّه لم يستطع أن يُحافظ على المسافات الفاصلة. يقرأ مثلًا لمفكرين أو لمخالفين له في العقائد أو في الفقه أو في غيره, فلا يستطيع أن يَضبط نفسه ولا يستطيع أن يُحافظ على المسافة المهمة, فيتخذ موقفًا بعيدًا يترتب عليه إجراءات مخالفة للعقلية الناقدة. المرتكز السادس: الإعتماد على الأوصاف المؤثرة (تفعيل البرهان). بعض الأشخاص أحيانًا لا يحافظ على هذه الأوصاف المؤثرة, فتارة يحاكم الفكرة إلى جنسيتها, يقول: ماذا نريد من المنطق ؟ لأنه يوناني ! لاحظ, حَاكم المنظومة إلى الجنسية التي جائت منها, وكذلك ربما يُحاكم بعض الأفكار القادمة إلينا من الغرب, ربما تكون خاطئة ولكن مستنده في تخطئتها لم يكن البرهان وإنما وصف الآخر غير مؤثر, وهذه الأوصاف التي هي: الجنسية, وموطن العيش, وموطن النَّمَاء, هذه ليست أوصافًا يُمكن أن يعتمد عليها في تصحيح الأفكار أو تخطيئها, وإنما غاية ما يمكن أن تصل إليه مؤشرات فقط مؤشرات تثير الأسئلة, أما أنها تصبح دليلًا لإثبات صحة فكرة, أو لإثبات بطلانها, هذا مُنافي للعقلية الناقدة. وكذلك إذا نمت فكرة في الجَوِّ الإسلامي هذا لا يدل على صِحَّتِهَا, إنما هي مؤشر على أن الفكرة قد لا تكون خاطئة يعني مخالفة للأصول الكبرى لأنها نَمَتْ في جَوٍ إسلاميٍ, والذي أقصده أنه ضروري أن نتخلَّى عن الأوصاف غير المؤثرة في بناء المواقف من الآخرين وحتى بناء مواقفنا. أضرب مثالًا في وقاعنا أنه كثيرًا ما نسمع أن هذا صحفيٌ, لماذا يخوض في هذه القضية ؟ كلمة صحفي ليس وصفًا مؤثرًا يعني ممكن يكون صحفي ولكنه اهتم بهذه المسألة وبحث فيها مثلاً عشر سنين أو أقل أو أكثر فيكون متخصص, فإثارة هذا الوصف الذي كثيرًا ما نسمعه هذا مُنافي للعقلية الناقدة, العقلية الناقدة لا تُعطي هذا الوصف قدرًا أكثر مما يستحق, هو مؤشر ولكنه ليس دليلاً كافياً في نباء المواقف من هذا الشخص صاحب الفكرة التي يريد أن أتَّخِذ منها موقفًا رشيدًا. المرتكز السابع: البحث عن المصادر الموثوقة في بناء الأفكار وفي محاكمة الأفكار المنقودة. من المهم جدًا إن أردتُ أن أبني تصوراتي البِنائية أو أبني مواقف نقدية من الآخرين, عليَّ أن أحرص على المادة التي أقوم بتحليلها لأستخرج هذه الفكرة, التي هي البحث عن المصادر الموثوقة طبعًا, وهذا الخلل أكثر ما يوجد عند الخطاب الحداثي, إن أردنا أن نُحاكم الخطاب الحداثي لهذا المرتكز فقط, نكتشف أن الخطاب الحداثي فاقد للعقلية الناقدة, مع أنه يَتَغَنَّى بها كثيراً ! لأنه حين يريد أن يبني أفكاره ومواقفه لا يَحرِص على المصادر الموثوقة وإنما يعتمد على مصادر غير موثوقة في نقل المعلومات التي يعتمدها, والغريب أن بعضهم يقول هذا الكتاب أنا مُتشكك في صحة نسبته ثم يبني عليه فصول متتالية, كما فعل الجابري مع كتاب "الإمام والسياسة" المنسوب إلى ابن قُتَيْبَةَ ، هو صرح بنفسه أن هذا الكتاب هو يشك بنسبته إلى ابن قتيبة, ولكنه في كتابه "نقد العقل السياسي" بنى عليه فصول كاملة, والكتاب فعلا فيه إشكاليات تاريخية ضخمة يكاد الإنسان يجزم معها بأن هذا الكتاب ليس لابن قتيبة, لكن يأتي ويبنى عليها كتاب كامل يوصف بأنه نقد للعقل العربي !. المرتكز الثامن والأخير: الصرامة في الأخذ بالمباديء. ضروري للإنسان إذا أراد أن يكون صاحب عقلية ناقدة لا تتأثر بالواقع وتنتج مواقف رشيدة وناضجة، عليه أن يكون عنده صرامة في الأخذ بالمباديء التي يؤمن بها, وبالمرتكزات التي يبني عليها أفكاره، ونحن أننا أحيانًا نَغفل عن هذه الصرامة فنغض الطرف عن المباديء ونتخذ مواقف ليست جيدة، ومواقع التواصل الإجتماعي الإلكتروني ربما تبين لنا بصورة واضحة مدى الإشكال الموجود في عدم الأخذ والصرامة بالمباديء الفطرية التي أؤمن بها في مشروعي الذي أَسِيرُ به وأُسَيِّرُ به حياتي المعرفية والفكرية. هذا ما لدي حول تكوين العقلية الناقدة وأرجو أن اكون قدمت شيئًا مفيدًا, وأكرر أنني ما زلت في مرحلة التفكير بصوت مرتفع, نُريد أن نُحَوِّلَها إلى حلقة نقاش من عنده إضافة أو تصحيح أو اقتراح أو أي شيء من هذه الجوانب أكون ممتنا لما يطرحه. وشكرا لكم. مع تحيات فريق مشروع التفريغ, لمزيد من المعلومات الرجاء زيارة هذا الرابط: https://www.shbaboma.com/vb/forumdisplay.php?f=88 |
#2
|
||||
|
||||
رد: تفريغ محاضرة " تكوين العقلية الناقدة" للدكتور سلطان العميري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
#3
|
||||
|
||||
رد: تفريغ محاضرة " تكوين العقلية الناقدة" للدكتور سلطان العميري.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله وشكرًا لك |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
العقلية, الناقدة, تفريغ, تكوين, سلطان العميري |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
تفريغ محاضرة: تكوين وعي المسلم المعاصر, للشيخ سلطان العميري | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 05-19-2017 04:15 PM |
تفريغ محاضرة "سمات العلم النافع" للشيخ خالد السبت | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 02-26-2017 07:17 AM |
تفريغ محاضرة "المنهجية في طلب العلم (2)" , لفضيلة الشيخ خالد بن عثمان السبت | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 02-06-2017 08:47 PM |
تفريغ محاضرة "المنهجية في طلب العلم (1)" , لفضيلة الشيخ خالد بن عثمان السبت | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 01-29-2017 03:55 PM |
تفريغ محاضرة "مركزية القرآن الكريم في السجال الفكري المعاصر" للشيخ عبد الله العجيري | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 8 | 01-29-2017 02:45 AM |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
دليل السياح |
تقنية تك |
بروفيشنال برامج |
موقع . كوم |
شو ون شو |
أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي |
المشرق كلين |
الضمان |
Technology News |
خدمات منزلية بالسعودية |
فور رياض |
الحياة لك |
كوبون ملكي |
اعرف دوت كوم |
طبيبك |
شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية
|