عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-23-2015, 05:29 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
افتراضي

فضائل الصحابة رضي الله عنهم
الحمد لله الذي شَرَّفَ نوع الإنسان بالأصغرينِ: القلبِ واللسانِ, وفضَّله على سائر خلقه بنعمتي المنطق والبيان, ورجَّحه بالعقل الذي وزن به قضايا القياس في أحسن ميزان, فأقام على وحدانيته البرهان, وأحمدُهُ حمداً يمدُّنا بمواد الإحسان, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, الذي لو ملك السماوات والأرض وما بينهما العزيز الرحمن, فهو الواحد الأحد الماجد الصَّمد, مُوَقِّت الآجال, ومُقَدِّر الأعمال, وسامع الأقوال, وعالم الأحوال, مثبت الآثار, ووارث الأعمار, رافع الأخيار, وواضع الأشرار, مادِح الأبرار, وقاصِم الفجَّار, العليم, البصير, السَّميع,الذي من رَفَعَ فهو الرَّفيعُ, ومن وَضَعَ فهو الوَضِيعُ, بَيَّن وأنار, واصطفى واختار, اصطفى الرسلَ والأنبياء على سائر البرية, واختار أتباعَهم على جميع الوَرَى والخليقة, فجعل لكلِّ نبي أمَّة ووزراء وأصحاباً, ولكلِّ رسولٍ أنصاراً وأعواناً, رَفَعَ بهم المنازلَ, وشَرَّف بهم القبائلَ, فجعل نبيَّنا محمداً صلى الله عليه وسلم سيِّدَ الأنبياء والمرسلين, وجعل أمَّته سيِّدةَ الأمم والماضين, وفضَّل أصحابه رضي الله عنهم على جميع أتباع المرسلين والنبيِّين.
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله المخصوص بالآيات البيِّنات كل البيان, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه, صلاةً وسلاماً يبقيانِ في كلِّ رمانٍ وأوان, ورضي الله سبحانه عن أصحابه الطيبين الطاهرين رضي الله عنهم الذين تخلَّقوا بأخلاقه, وتَرَبَّوا بآدابه صلى الله عليه وسلم, وكانوا معه على كلِّ أمرٍ جامعٍ; فلا أحدَ كان أطيبَ منهم, ولا أحدَ جاء أخلصَ دينه لله ولرسوله مثلهم ; فهاجروا وآووا, ونصروا الله ورسوله, وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ; فكان اللهُ وليُّهم, ورسولُه قائدهم; فرضي الله عنهم وعمَّن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
فوالله ما كان حديثاً يُفترى ولا فُتُوناً يتردد. ذلك الحديثُ الذي يروي أنباءَ أطهَر ثُلَّةٍ عرفتها الأرض بعد الرُّسل والأنبياء, ولِمَ لا ؟!
وهو قرآنٌ وسُنَّة.

قال الله – جلَّ ذكره: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]
وقال تبارك وتعالى: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة : 117]
وقال تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ [الواقعة : 10-14]
وقال تباركت أسماؤه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]
وقال سبحانه: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29]

وقال عز من قائل: لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر : 8-9]

فهذه الآيات اشتملت على أبلغ ثناء وتعطير من العليم الخبير; حيث أخبر تعالى أنه قد تاب عليهم, ورضي عنهم ورضوا عنه, وأكرمهم بجنَّات النَّعيم, وذلك لسبقهم وفضلهم,فالصحابيُّ هو من لَقِي رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به ومات على الإسلام وَيَالَهُ مِنْ شرف !!!.

ولقد نال أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وآمنوا به وبرسالته وصدقوه وآزروق وآووه ونصروه, وهم الذين عَظَّموا أمره وتفانوا في طاعته صلى الله عليه وسلم, وهم الذين أحبَّهم النَّبي صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ عنهم وزكَّاهم, وأوصى بهم, ودعا لهم بالرَّحمة والمغفرة, وبِشَّرهم بالجنَّة, وهم الذين نزل القرآن بموافقتهم, وهم الذين أجرى الله تعالى الحق على ألسنتهم وقلوبهم.


يقول الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسيره [1]: يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان, ورضاهم عنه بما أعدَّ لهم من جنَّات النَّعيم, والنَّعيم المقيم ...
إلى أن قال: فيا ول من أبعضهم أو سبَّهم أو أبعض أو سبَّ بعضهم ولا سيما سيِّد الصحابة بعد الرَّسول صلى الله عليه وسلم وخيرهم وأفضلهم – أعني: الصديق الأكبر, والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه; فإنَّ الطَّائفة المخذولةَ من الرافضةِ يُعَادونَ أفضل الصحابة ويُبغضونَهم,
----

1 تفسير ابن كثير (2/370)






__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس