عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-21-2016, 07:33 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
افتراضي رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي


وجاءت السُنَّة المشرَّفة بمثل ما جاء به القرآن من الأمر بأخذ الدين من الوحي المبين والاكتفاء به عن غيره, والتحذير من الزيادة فيه والنقصان, أو التبديل والابتداع.

فعن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يقول[1]: أما بعد, فإن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد, وشرَّ الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة.

وعن العرباض بن سارية[2] قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله قال: أوصيكم بتقوى الله والسَّمع والطاعة وإن عبدٌ حبشي; فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً, وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة, فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, عَضُّوا عليها بالنواجذ.

ومنع النبي صلى الله عليه وسلم اتباعه عن سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين لتفريطهم في حفظ كتابهم من التحريف وصيانة دينهم من الابتداع فقال[3]: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء; فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا; فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق; فإنه لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال[4]: يا معشر المسلمين, كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله, تقرؤونه لم يُشَب, وقد حدَّثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله, وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً, أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟! ولا والله ما رأينا منهم رجلا قد يسألكم عن الذي أنزل عليكم.

وروي عن عبد الله بن ثابت قال[5]: جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إني أمرت بأخ لي يهودي من قريظة,فكتب لي جوامع من التوراة, ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضيت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. قال: فسُرِّي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ثم اتبعتموه وتركتموني لظللتم, إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين.

وهكذا فإن السلف رحمهم الله تعالى من الصحابة والتابعين وأتباعه من أئمة الفقه والدين مجمعون على وجوب اتباع الكتاب والسنة, والاستغناء بهما في فهم أصول الدين وفروعه عما سواهما من المصادر, وكانت سيرتهم العملية شاهدة على حزمهم البالغ في التصدي بالرد والإنكار لكل بدعة تنشأ, وكلّ بادرة انحراف في تلقي الدين وفهمه, عمَّا كان عليه الحال في العهد النبوي[6].

-----------------

1
أخرجه مسلم في صحيحه 2/ 592, كتاب الجمعة, باب تخفيف الصلاة والخطبة, برقم 867
2 رواه الترمذي في سننه 5/ 44, كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, باب ما جاء في الأخذ بالسُنَّ’ واجتناب البدع, برقم 2676, قال: حديث حسن صحيح, وهو في صحيح الجامع للألباني 1/ 499 برقم 2549.
3 رواه أحمد في مسنده 3 / 338, وضعف محققوه إسناده, انظر المسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط وفريقه: 22/ 468, 469, برقم 14631, ولكن معناه صحيح كما في الأثر التالي, ولذلك كثر استشهاد محققي العلماء به, انظر "كنز الوصول إلى معرفة الأصول؟ للبزدوي: صـ 234, "قواطع الأدلة" لأبي المظفر السمعاني [ت:489]: 1/ 318, مجموع فتاوى ابن تيمية 11/ 463.
4 رواه البخاري في صحيحه, برقم 2539.
5 رواه أحمد في مسنده 4/ 265, وضعف محققوه إسناده, انظر المسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط وفريقه: 25/ 198, برقم 15864, لكن يشهد لمعناه ما قبله.
6 انظر "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع" للدكتور إبراهيم الرحيلي 1/ 80-86
__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس