
06-03-2016, 12:24 AM
|
 |
الإدارة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
|
|
رد: تسهيل دورة البناء العلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
#الدرس [6]
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم بمنِّه وكرمه أن يجعلنا وإيَّاكم ممن إذا أُعطِيَ شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر، فإنَّ هذه الثلاث عنوان السعادة. اللهم آمين.
في هذا اللقاء وهو الدرس السادس من دروس البناء العلمي، والتي تُقدَّم من خلال هذه الدورة العلمية نتحدث -بإذن الله عز وجل- عن موضوعٍ أعتقد أنَّ كلَّ مَن يروم طلب العلم الشرعي ويقصده لابُدَّ أن يقرأ في هذا الموضوع، ولابُدَّ أن يبني فيه نفسه بناءً علميًّا سليمًا صحيحًا.
لذلك وقبل أن نلج في موضوعنا "البناء العلمي" لا بد من مقدمات كما أسلفنا.
فالمسألة الأولى التي تحدثنا عنها: فضل العلم في القرآن.
والثانية: فضل العلم في السنة.
والثالثة: مُقارنات
المسألة: هي ثمرات الطلب
نختم هذه المسائل بالحديث عن أنواع العلوم، فما حكم تعلم العلوم؟
يقول العلماء: العلوم على ثلاثة أقسامٍ:
- من هذه العلوم ما يُنهَى عنه ابتداءً.
- ومن العلوم ما يُنهَى عن كثرة الاشتغال به.
- ومنها ما يكون تارةً مُحرَّمًا، وتارةً واجبًا، وتارةً مُباحًا. لماذا؟
لأنَّ مصطلح العلم لم يرد في القرآن أو في السُّنة دائمًا على سبيل المدح؛ بل ورد أحيانًا على سبيل الذم، يقول الله -عز وجل: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ﴾ [البقرة: 102]، فهو علمٌ ولكنَّه لا ينفع.
وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الروم: 7]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ».
فالقسم الأول: ما يُنهَى عنه ابتداءً، مثل ماذا؟ مثل علم السِّحر، فالسِّحر علمٌ، لكنَّه علمٌ ضَارٌّ لا ينفع صاحبَه؛ بل تعلمه كفرٌ بالله -عز وجل- فالله -عز وجل- قال في كتابه: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: 102].
الثاني: ما يُنهَى عن كثرة الاشتغال به، مثل ماذا؟ مثل علوم الآلة.
فالعلوم على قسمين -كما سيأتي- علوم آلةٍ، وعلوم غايةٍ.
- فعلوم الغاية مثل: العقيدة، والحديث، والتفسير، والفقه.
- وعلوم الوسائل -وهي الآلة- مثل: مصطلح الحديث، واللغة العربية، والبلاغة، وغيرهـا.
فالعلماء نهوا مثلًا عن كثرة الاشتغال بالنحو، فيكفي من النحو ما تُقيم به اللِّسان، وتفهم به مراد كلام الرحمن -عز وجل- أمَّا ما زاد عن ذلك من تشقُّقاتٍ وبحثٍ طويلٍ ومُضْنٍ لا يخرج صاحبُه بنتيجةٍ؛ فهنا نهى عنه العلماءُ، بل قالوا: إنَّ النحو في الكلام كالملح في الطعام. فيأخذ منه الإنسانُ بقدر حاجته.
والثالث من العلوم: ما يكون تارةً مُحرَّمًا، وتارةً واجبًا، وتارةً مُباحًا، مثل: علم النجوم، فعلم النجوم إذا كان لمعرفة القبلة فهو واجبٌ، وإذا كان لمعرفة الطريق فهو مُباحٌ، وإذا كان لما يُسمَّى بعلم التأثير، وهو ربط القضايا الأرضية بالحوادث الفلكية، كأن يحدث حدثٌ ما فيقال: وقع ذلك لأنَّ النجم الفلاني خرج عن مداره، أو فعل كذا. فهذا مُحرَّمٌ.
لهذا لما مات إبراهيمُ ابن النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: كُسِفَت الشمسُ لموته. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ لَا تُكْسَفُ لِمَوتِ أَحَدٍ وَلَا لحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ إِذَا رَأَيْتُم هَذَا فَاهْرَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ».
هذه أقسام تعلُّم العلوم.
والعلماء بشكلٍ عامٍّ يقولون عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، أنَّ المراد بـ«فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» أنَّ العلم على نوعين:
- ما هو فرضُ عينٍ يجب علينا جميعًا أن نتعلَّمه، وهذا هو المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، وفي روايةٍ: «وَمُسْلِمَةٍ»، فهناك علومٌ يجب علينا جميعًا أن نتعلَّمها، كالتوحيد، وتعلم كيفية الصلاة.
ولما سُئِل ابن المبارك عن هذا الحديث قال: "هو أن يقع الإنسانُ في مسألةٍ فيجب عليه أن يسأل عنها ويعلم مراد الله -عز وجل- فيها".
وقال الإمام الخطيب البغدادي: "«طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» المراد به علم التوحيد".
وكذلك علم الصلاة، والذي يُريد الحجَّ يجب عليه أن يتعلم الحج، والذي يُريد أن يُزكِّي يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة، وهكذا.
وأخيرًا: من العلم ما هو فرضُ كفايةٍ، فإذا قام به مَن يكفي في الأُمَّة سقط الإثمُ عن الباقين، وهو قول الله -عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ ليَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: 122].
فهذه أهمَّ العناصر التي أردنا أن نجعلها كمُقدِّمةٍ بين حديثنا عن البناء العلمي.
وإن شاء الله سنتحدث في اللِّقاء القادم عن أدب الطلب؛ لأنَّ طالب العلم بحاجةٍ قبل أن يتعلم إلى أن يحمل أدبَ هذا العلم، ولهذا قالت أمُّ الإمام مالك -رحمه الله- له: "يا بني، اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل أن تتعلم من علمه".
أسأل الله -عز وجل- بمنِّه وكرمه أن يُبارك لنا ولكم في الأعمار والأعمال, وأسأل الله كما جمعنا وإيَّاكم في هذا اللِّقاء أن يجمعنا في دار كرامته ومُستقَرِّ رحمته، إنَّه -عز وجل- جوادٌ كريمٌ.
وأسأل الله -عز وجل- أن ينصر دينَه وكتابه وسُنَّة نبيه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المشاركة عبر الفيس بوك
__________________
[align=center] [/align]
|