عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-02-2016, 06:13 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
افتراضي رد: تسهيل دورة البناء العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم


‫#‏الدرس‬ [2]


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.



أيها الإخوة والأخوات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.


وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم بمنِّه وكرمه أن يجعلنا وإيَّاكم ممن إذا أُعطِيَ شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر، فإنَّ هذه الثلاث عنوان السعادة. اللهم آمين.


في هذا اللقاء وهو الدرس الثاني من دروس البناء العلمي، والتي تُقدَّم من خلال هذه الدورة العلمية نتحدث -بإذن الله عز وجل- عن موضوعٍ أعتقد أنَّ كلَّ مَن يروم طلب العلم الشرعي ويقصده لابُدَّ أن يقرأ في هذا الموضوع، ولابُدَّ أن يبني فيه نفسه بناءً علميًّا سليمًا صحيحًا.


لذلك وقبل أن نلج في موضوعنا "البناء العلمي" لا بد من مقدمات كما أسلفنا.


• فضل طلب العلم ومكانة العلماء في الإسلام (1)


الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم تفضَّل على الأنبياء بنِعَمٍ ومِنَنٍ كبيرةٍ، فمن هذه المنن أنَّ الله -عز وجل- تفضل عليهم بأن جعلهم من أهل العلم، قال -عز وجل- عن يعقوب -عليه السلام: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ [يوسف: 68]، وأيضًا يقول -سبحانه وتعالى- عن يوسف: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ [يوسف: 6]، وقال عن داود وسليمان -عليهما السلام: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الحَمْدُ لِله الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ﴾ [النمل: 15].


والآيات القرآنية التي تتحدث عن العلم وفضله كثيرة، لكنني سأكتفي بإيراد ثلاث آياتٍ منها، مع بيان وجه الاستنباط من هذه الآيات.


يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18].


هذه الآية الكريمة في سورة آل عمران دلَّت على فضل العلماء من وجهين:


الوجه الأول: أنَّ الله -عز وجل- قَرَن شهادة العلماء في الأرض بشهادته -عز وجل- بنفسه وشهادة ملائكته، ولا شكَّ أنَّ هذا الاقتران يدلُّ على فضلهم ومكانتهم ومنزلتهم.


الوجه الثاني: أنَّ الله -عز وجل- استشهدهم على أعظم مشهودٍ، وهو توحيد الله -سبحانه وتعالى- فقال: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾، قال العلماء: فهذا دليلٌ على فضل العلم وفضل أهله ومنزلتهم ومكانتهم.


وقد استنبط الإمامُ ابن القيم -رحمه الله تعالى- في "مفتاح دار السعادة" وفي "مدارج السالكين" عشرة أوجه من هذه الآية، كلها تدلُّ على فضل العلم ومنزلة أهله ومكانتهم.


الآية الثاني: يقول الله -عز وجل- في سورة البقرة: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 31].


فضَّل الله -عز وجل- آدم وميَّزه على الملائكة، ولما سألوا عن سبب هذا التَّمييز كانت الإجابة: أنَّ الله -عز وجل- علَّم آدم الأسماء كلها، فقال العلماء -رحمهم الله: "وهذا يدلُّ على شرف العلماء ومكانتهم؛ لأنَّ الله -عز وجل- ميَّز أبو الأنبياء آدم -عليه السلام- على الملائكة بالعلم، وشرَّفه به".


أيضًا من الآيات التي تدلُّ على فضل العلم -وأرعوا أسماعكم لهذه الآيات لأنَّها عبارة عن آيتين في سورتين يُبنى بعضهما على الآخر.


يقول الله -عز وجل- في سورة البينة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة 7، 8].


إذن في بداية الآية قال: ﴿أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾، ثم قال: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾.


وقال -سبحانه وتعالى- في سورة فاطر: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].


يقول الإمام القرافي -رحمه الله- في كتابه "الذخيرة" -والإمام القرافي من كبار علماء المالكية: "إنَّ مَن خشي الله فهو خير البرية كما في سورة البينة -فمَن خشي الله فهو خير البرية- وكلُّ مَن خشي الله فهو عالم، فينتج عن هاتين المقدمتين النتيجة وهي: أن خير البرية هم العلماء".


إذن هذا أيضًا دليلٌ من الأدلة التي يسوقها العلماء -رحمهم الله تعالى- في بيان فضل العلم ومنزلة أهله.


وقد دلَّت أحاديث كثيرة من سُنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام- على فضل العلم، وهذا ما سنبينه في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


المشاركة عبر الفيس بوك
__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس