عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-05-2016, 06:00 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
افتراضي عندما يُبشر بن تيمية بموت ألد أعدائه !

بسم الله الرحمن الرحيم


أرسل الله رسوله المصطفى ليقاتل الكفار ويجاهد في سبيل الله ويجاهد بالقرآن بحججه وبراهينه ودلائله ويقارع الحجة بالحجة والبيان بالبيان ومع ذلك قال الله تعالى فيه: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم : 4] وقال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 107] ففي ساحات القتال فإنه أُرسِل رحمه وفي ميدان المناظرة فإنه على خلق عظيم !

والنبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق لأنه أفضل من حقق أعظم خلق في الإسلام ولبيان ذلك راجع هذا الموضوع

نعم , قد نختلف بعض المسائل , نعم قد نتجادل ونتناظر , ولكن ...

هناك فرق بين الحياة العامة , الحياة الإنسانية , وبين البحث والمناظرة بآدابه الإسلامية السامية !

فالإثنان في مصب واحد فأما الأول فقد اعتنى الإسلام ببناء المجتمعات وتماسكها وتوضيح طرق تنقيتها من الآفات وتثبيتها , وأما الثاني فقد اعتنى الإسلام ببناء روح الحياة الإيمانية وعزس الدلائل اليقينية في نفوس وقلوب تلك المجتمعات الإسلامية .

ومن الأمثلة على ذلك, إليك هذه القصة:

أتى ابن القيم إلى شيخه بن تيمية رحمه الله يُبَشِّرُهُ بموت ألد أعدائه وأعتى خصومه , فماذا فعل بن تيمية لقاء هذا الخبر المُفرِح !

أكيد سوف تقول لي أنه صام فرحا بموت ذاك الطاغية أو أنَّه فرح لقاء هذا الخبر , فالصراع خَفَّت وضأته !

لكنه ما فعل ذلك , بل انتهر تلميذه على كلامه هذا , بل وذهب يعزي أهله بفقده , بل وأخبرهم أنا بمنزلته فما احتجتم إلى شيئ فأنا موجود !

فما كان من أهل الفقيد إلا أن يدعوا لشيخ الإسلام بن تيمية بالخير والبركة فكما يقول بن القيم[1]: الدين كله خُلُق فمن زاد عليك في الخُلُق زاد عليك في الدين

وإليك نص كلام بن القيم رحمه الله[2]: وَجِئْتُ يَوْمًا مُبَشِّرًا لَهُ بِمَوْتِ أَكْبَرِ أَعْدَائِهِ، وَأَشَدِّهِمْ عَدَاوَةً وَأَذًى لَهُ. فَنَهَرَنِي وَتَنَكَّرَ لِي وَاسْتَرْجَعَ. ثُمَّ قَامَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى بَيْتِ أَهْلِهِ فَعَزَّاهُمْ، وَقَالَ: إِنِّي لَكُمْ مَكَانَهُ، وَلَا يَكُونُ لَكُمْ أَمْرٌ تَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى مُسَاعَدَةٍ إِلَّا وَسَاعَدْتُكُمْ فِيهِ. وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ. فَسُّرُوا بِهِ وَدَعَوْا لَهُ وَعَظَّمُوا هَذِهِ الْحَالَ مِنْهُ, فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ.

------------
1
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ): مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين , المحقق: محمد المعتصم بالله البغدادي , دار الكتاب العربي - بيروت , الطبعة: الثالثة، 1416 هـ - 1996م , عدد الأجزاء: 2 , جـ 2 صـ 294
2 المصدر السابق جـ 2 صـ 329



__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس