![]() |
طلبة العلم والانسياق خلف الجديد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , وبعد : البناء العلمي الصحيح والنافع لا بد فيه من توفر شروط ضرورية لا يمكن التخلي عنها , ومن أهم تلك الشروط : 1- تكوين قاعدة معرفية تأصيلية أساسية في تصور العلوم الشرعية , وتأسيس هذه القاعدة لا يمكن إلا من خلال دراسة العلوم الشرعية دراسة علمية واعية. 2- ولا بد أن تتوفر فيها عند طالب العلم مادة مرجعية من الكتب والمؤلفات الأصلية في كل العلوم , ويكون على خبرة بها وبمضمونها . ولكن الملاحظ بوضوح في وقتا الحاضر أن كثيرا من طلبة العلم المحب للعلم ومؤلفاته أعرض عن تلك الشروط , وأضحى همه الأكبر متابعة الجديد من الكتب والأطروحات . فإنك ترى كثيرا من الشباب وطلبة العلم – الذكور والإناث- يستغرق في تتبع ما يطرح من الكتب والأفكار الجديدة ويستميت في متابعتها والسؤال عنها . وإذا أقبل معرض الكتاب تتابع الأسئلة من الشباب عن أهم الكتب الجديدة التي ينصح بشرائها وقراءتها , ولا تكاد تسمع منهم سؤالا عن أهم الكتب التي لا بد منها في مكتبة طالب العلم ومع إيماني بأن متابعة الجديد أمر مهم وشيء محبب إلى النفس , ولكن الاستغراق فيه خطير جدا على هيكل البناء العلمي . 3- إن طالب العلم الذي يكون نفسه عن طريقة متابعة الجديد لن تكون له نهاية واضحة المعالم في البناء العلمي , وسيرسم لنفسه صورة متقبلة ومتغيرة بتقلب الجديد وتغيره . ولن يصل مهما بذل وصنع إلى مرحلة البناء العلمي والمعرفي الذي يمكنه من خلاله أن يكون صانعا للأفكار وضابطا للأصول التي ينطلق منها في بناء الفكر الصالح . وغاية ما ينتهي إليه البلوغ إلى درجة من الثقافة والتنوع المعرفي واستحضار معلومات كثيرة والمشاركة بها في المجالس والقروبات والنوادي . وهذه الحالة جيدة ومفيدة للإنسان وتشعره بأن لديه بناء معرفيا صالحا لتأسيس المشروع النافع عليه وعميقا بالقدر الكافي . ولكن الأمر في الحقيقة ليس كذلك , فهو لا يملك قاعدة صلبة تصلح لبناء المشاريع عليها , وليس لديه أساس صحيح مستقيم في العلم والمعرفة . وإنما غاية ما لديه أفكار جديدة مبعثرة متغيرة بتغير الجديد , وسيصل في النهاية إلى صورة مشوهة قاتمة غير واضحة المعالم . نصيحتي لكل إخواني من طلبة العلم- رجالا ونساء- أن يخرجوا من حالة الاستغراق في متابعة الجديد , وأن يتوجهوا إلى البناء العلمي الصارم الذي يؤسس القاعدة الصلبة. 4- ولا يكون ذلك إلا بالتوجه نحو العلوم الشرعية والبحث عن الدروس العلمية الجادة فيها والاشتغال بها وتكثيف النظر والدرس والمذاكرة لها . فالاشتغال الصحيح الصارم بتلك العلوم هو السبيل الأقوى في تكوين القاعدة المعرفية والمنهجية والاستدلالية التي تنفع الشخص في الحجاج والنقض والاستدلال . 5- ولا بأس أن يجمع مع ذلك الاهتمام بالأمور الثقافية والأمور الجديدة , ولكن يعطي كل شيء قدره الذي يستحقه . كتبه سلطان العميري |
الساعة الآن »08:38 AM. |
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
انشر تؤجر, جميع الحقوق محفوظة لموقع رحيق الشباب