رحيق الشباب - توضيح إلتباس حول مسألة من أكل ناسياً في غير رمضان وهو صائم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

من المعلوم أن الأكل نهار الصيام من المفطرات لأن الأكل محظور وقتها ولكن ...

الكثير من الناس يظن أن من أكل ناسياً في رمضان ثم تذكر فصيامه صحيح، ولكن من أكل ناسياً في غير رمضان وهو صائم فصيامه باطل

وهذا الكلام غير مستقين: لأن الصحيح أنَّ من أكل ناسياً نهار الصيام في رمضان أوغيره ثم تذكر بعد وقت فلا يضر بصومه إن شاء الله تعالى, وذلك:

[1] أن الله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها.

[2] من أكل إنما أكل ناسياً لا عامداً متعمداً.

وقد أمر الله المؤمنين بسؤاله عدم مؤاخذتهم حال الخطأ والنسيان فقال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة : 286]

وورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة أنَّه قال: قد فعلت.

فالنسيان لا يُحاسب عليه الإنسان ولا يؤثر بالعمل العبادي خاصة إن كان نسيان لمحظور ومنه الأكل في نهار رمضان, فالأكل محظور فلا يؤثر بصيامه على الصحيح

[3] حديث الرخصة فيمن أكل وهو ناس عام ولم يخصص الصيام برمضان.

ومن المستظرفات ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار[1]: أن إنسانا جاء إلى أبي هريرة فقال: أصبحت صائماً فنسيت فطعمت، قال: لا بأس. قال: ثم دخلت على إنسان فنسيت وطعمت وشربت، قال: لا بأس، الله أطعمك وسقاك. ثم قال: دخلت على آخر فنسيت فطعمت، فقال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام .

وأخيرا نقول إن هذا الحكم فيمن أكل وانتهى من أكله ثم تذكر، أما من تذكر والطعام في فمه فعليه أن يخرجه وإلا أفطر إذا بلعه

ثم إن علينا تذكير الناسي إذا رأيناه يأكل إن كان شاباً أما لو كان كبيراً هرماً أو مريضاً فلا بأس بالاعراض عنه رحمة به كما روي ذلك عن الشافعي وإن كان الأفضل تذكيره وهذا يرجع لحال الرجل

والله أعلم

والحمد لله رب العالمين

-----------
1 فتح الباري: (4/ 157).