المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صحة مقولة أن القرآن يأت على هيئة رجل وسيم للميت في قبره


مصطفى طالب مصطفى
10-17-2015, 05:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


انتشرت مؤخراً عبر مواقع التواصل الإجتماعي رسالة بعنوان : [ القرآن على هيئة رجل وسيم ] ، وهي كالتالي :

هل تعلم ماذا يفعل لك القران عند موتك؟ عند موت الانسان وأثناء إنشغال أقربائه بمناسكِه الجنائزيةِ, يقفُ رجلٌ وسيمُ جداً بجوار رأس الميت. وعند تكفين الجثّة, يَدْخلُ ذلك الرجلِ بين الكفنِ وصدرِ الميّتِ. وبعد الدفنِ, يَعُودَ الناس إلى بيوتهم , ويأتي القبرِ ملكان مُنكرٌ ونكير, ويُحاولانَ أَنْ يَفْصلاَ هذا الرجلِ الوسيم عن الميتِ لكي يَكُونوا قادرين على سؤال الرجلِ الميتِ في خصوصية حول إيمانِه. لكن يَقُولُ الرجل الوسيم : 'هو رفيقُي, هو صديقُي. أنا لَنْ أَتْركَه بدون تدخّل في أيّ حالٍ منَ الأحوالِ .....


جاء هذا الحديث ضمن سياق طويل جداً ، وهو ما أخرجه الإمام العقيلي ( الضعفاء الكبير - ٢/٣٩ ) ، وابن أبي الدنيا ( التهجد - ١/٥ ) ، ومحمد البجلي ( فضائل القرآن - ٦٥ ) ، وغيرهم من طريق داود الكرماني ، عن مسلم بن أبي مسلم ، عن مورق العجلي ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه موقوفاً .

وهذا حديث باطل مكذوب ، فيه داود الكرماني وهو هالك متهم ، وقد استنكر هذا الخبر الإمام الكبير ابن معين ، حيث قال : (( داود الفاوي الذي روى عنه المقري - حديث القرآن - ليس بشيء )) ، [ الضعفاء الكبير - ٢/٣٨ ] . واستنكره كذلك الإمام الكبير العقيلي ، حيث قال : (( حديث باطل لا أصل له )) ، [ الضعفاء الكبير - ٢/٣٨ ] .

واستنكره كذلك الحافظ ابن الجوزي ، حيث قال : (( هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمتهم به داود ، قال يحيى بن معين : داود الطفاوى الذي روى عنه حديث القرآن ليس بشئ ، وقال العقيلي : حديث داود باطل لا أصل له ، ثم فيه الكديمى ، وكان وضاعاً للحديث )) ، [ الموضوعات - ١/٤١٢ ] . واستنكره الحافظ الذهبي ، حيث قال : (( وذا موضوع فيهم الكديمي - متهم - عن يونس بن عبيد الله عن داود الكرماني وهو هالك )) ، [ التلخيص - ٧١ ] .

واستنكره العلامة الشوكاني ، حيث قال : (( فيه نكارة شديدة ، وألفاظ يعرف من نظرها أنها موضوعة )) ، [ الفوائد المجموعة - ٣٠٥ ] . واستنكره العلامة المعلمي ، حيث قال : (( من طريق داود ، عن صهر له سماه مرة مسلم بن شداد ، ومرة مسلم بن مسلم ، ومرة مسلم بن أبي مسلم ، والخبر موضوع باتفاقهم ، فمنهم من حمل على داود ، ومنهم من حمل على شيخه المجهول )) ، [ تحقيق الفوائد - ٣٠٦ ] .

والصحيح أن العمل الصالح هو من يأتي المؤمن في القبر ، على شكل رجل حسن الوجه والثياب والرائحة ، وليس القرآن بعينه من يأتيه ، وقراءة القرآن وتعلمه وتدبره ، يدخل ضمن الأعمال الصالحة ، جاء في المسند ، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار - فذكر الحديث بطوله - وفيه : (( فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باباً من الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، قال : ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي )) ، [ حديث حسن - مسند الإمام أحمد - ١٧٨٠٣ ] .

فالرجل الصالح حسن الوجه والثياب والرائحة ، الذي يأتي المؤمن في قبره هو عمله الصالح ، وليس القرآن الكريم بعينه فقط ، فتنبّه لهذا !