للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids 
<

العودة   رحيق الشباب > قسم الإسلاميات > المنتدى الإسلامي العام > قصص هادفة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-29-2015, 04:03 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
Post تفريغ الحلقة التاسعة: سلسلة آل البيت والصحابة: عائشة رضي الله عنها

عائشة بنت الصديق رضي الله عنها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، الحمدُ لله إلهِ الأوَّلين والآخرين ، الحمدُ لله خالقِ الخلقِ أجمعين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين نبيِّنا وإمامِنا وحبيبِنا وقُرَّةِ عينِنا نبيِّنا محمَّد بنِ عبد الله وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين ، أمَّا بعدُ :
فما زالَ حديثُنا متواصلاً عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلِ بيتهِ وقد ذكرْنا أننا سنتكلَّم عن أشخاصٍ منْ آلِ البيتِ وأشخاصٍ منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، وحديثُنا اليومَ عن شخصيَّةٍ منْ هذه الشَّخصيَّات ، شخصيَّةٍ جمعتِ الصُّحبةَ والآل ، أي هي - هذه الشَّخصيَّة - منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومنْ آلِ بيتهِ .
قد ذكرْنا في تعريفِنا لآلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنهم ينقسمون الى قسمين :
هناك آل البيت بالأصالة ، وهناك آل البيت بالتبعيَّة
أمَّا آلُ البيتِ بالأصالةِ فهمُ الذين يجمعُهم مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نسبٌ ، أي يلتقون معه في هاشم ، يلتقون مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هاشم فهؤلاءِ منْ آلِ بيتِ النبيِّ بالأصالةِ ، بأنفسِهم ، بدونِ واسطةٍ ، وهناك أناسٌ يكونون منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بواسطةِ ، التَّبعيَّةِ ، و هنَّ أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
حيثُ إنهنَّ قبلَ زواجهنَّ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يكنَّ منْ آلِ البيتِ ، فلما تزوَّجهنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم صِرْنَ منْ آلِ بيتهِ كما قالَ الله تبارك وتعالى في كتابهِ العزيزِ : " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) " سورة الاحزاب .
فحديثُنا عن زوجةٍ منْ أزواجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، بل أفضل أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأحبّهنَّ إلى قلبهِ وهي عائشة رضيَ الله تبارك وتعالى عنها وأرضاها .
هذه المرأةُ التي جمعتْ فضائلَ عِدَّة وخصَّها الله جلَّ وعلا بخصائصَ تميَّزتْ بها عن غيرها .
وقبلَ أنْ أخوضَ في الحديثِ عن عائشةَ رضيَ الله عنها أذكرُ خلافَ أهل العلم في فضلِها هي أم خديجة .
أيُّهما أفضلُ : خديجة أمْ عائشة ؟
هذه مسألةٌ لا يترتَّب عليها شيءٌ وإنما هي مسألةٌ علميَّةٌ تختصُّ بالفضلِ ، فذهبَ كثيرٌ منْ أهل العلم إلى أنَّ خديجةَ أفضلُ منْ عائشةَ ، و ذهبَ آخرون إلى أنَّ عائشةَ أفضلُ .
وكما قلتُ هذه المسألةُ لا يترتَّب عليها أمرٌ وإنما هي علميَّةٌ بحتةٌ .
وحاولَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ رحمه الله تبارك وتعالى أنْ يجمعَ بين القولين فقالَ : خديجةُ كانتْ أفضلَ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، إذْ كانَ في بدايةِ الدَّعوةِ بل قبل الدَّعوةِ كانَ محتاجاً إليها ، ونفعَ الله تبارك وتعالى نبيَّه بمالها وعقلِها وثقلِ وزنها في قومِها ، ونفعَ الله الأُمَّةَ بعائشةَ ، فلو نظرْنا إلى انتفاعِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لقلنا خديجة أفضل ، انتفعَ النبيُّ منْ خديجةَ أكثر مما انتفعَ منْ عائشةَ ، وإذا نظرنا إلى حالِ الأمَّةِ لوجدنا أنَّ الأمةَ انتفعتْ منْ عائشةَ أكثر منِ انتفاعِها بخديجةَ ، وهذا جمعٌ طيِّبٌ منْ شيخِ الإسلام ابنِ تيميَّةَ رحمه الله تبارك وتعالى .
قد يكونُ حديثٌ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يميِّز خديجةَ على عائشةَ ؛ وهو قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم لعائشةَ يوماً : " هذا جبيريلُ يقرئكِ السَّلام "
" هذا جبريل يقرئكِ السَّلام "
فقالتْ عائشةُ رضيَ الله عنها : عليكَ وعلى جبريل السَّلام .
ولكنَّ خديجةَ قالَ لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : "إنَّ الله يقرئكِ السَّلام "
فقالتْ :إنَّ الله هو السَّلام ، وعليك السَّلام .
فيقولُ : جاءَ السَّلامُ لخديجةَ منَ الله بينما جاءَ السَّلامُ لعائشةَ منْ جبريل .
قالوا : هذا يميِّز خديجةَ على عائشةَ .
وآخرون قالوا ولكنَّ النبيَّ قالَ : " فضلُ عائشةَ على النِّساءِ كفضلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ " .
فقالوا : فعمَّ الطَّعامَ كلَّه فتعمُّ عائشةُ النِّساءَ كلَّهنَّ .
لكنْ كما قلنا هذا الأمرُ لا يترتَّب عليه شيءٌ ، المهمّ أنَّ خديجةَ في الجنَّة وعائشةَ في الجنَّة ، وهذا يكفيهما شرفاً وفضلاً ؛ أنهما في الدنيا تزوَّجتا خيرَ البشرِ وفي الآخرةِ زوجُهما خيرُ البشرِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، وهنَّ معه في الفردوس الأعلى .
بل منْ جميلِ ما قيلَ وقد ذكرَه ابنُ حزمٍ رحمه الله تبارك وتعالى خلافاً لما ذهبَ إليه جماهيرُ أهلِ العلمِ ، وذلك أنَّ جماهيرَ أهلِ العِلْمِ قالوا : إنَّ أفضلَ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ ثم بقيَّة العشرة ثم أصحاب بدر ثم أصحاب بيعة الرِّضوان ، والمهاجرون أفضل من الأنصار .
ابن حزم رحمه الله تبارك وتعالى تفرَّد بقولٍ فقالَ : نساءُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أفضلُ منْ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وغيرهم منَ الصَّحابةِ .
فقيلَ له : بمَ ؟ يعني لماذا قلتَ هذا القولَ ؟
قالَ : الفضلُ بالمنزلةِ في الآخرةِ ، أين منزلةُ زوجاتِ النبيِّ في الآخرةِ ؟ ألَسْنَ مع النبيِّ في أعلى الدَّرجاتِ ؟ و أليسَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعلى درجةً منْ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ؟!
قيلَ : نعم .
قالَ : زوجاتُه يكنَّ مع أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ أم مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
قيلَ : مع النبيِّ .
قالَ : إذاً هنَّ أفضلُ .
لكنْ كما قلنا هذا الأمرُ لا يترتَّب عليه شيءٌ ، وإنما المهمُّ كلُّهم منْ أهلِ الجنَّة اسألُ الله أنْ يجعلَنا وإيَّاكم من أهلِ الجنَّةِ .
طيب .. حديثُنا إذاً عن عائشةَ ، عن الصِّدِّيقةِ بنتِ الصِّدِّيقِ ، عن حبيبةِ الحبيبِ صلَّى الله عليه وسلَّم وإلفهِ القريبِ ؛ عائشة المبرَّأة منْ سبع سماوات رضيَ الله عنها وأرضاها .
عائشةُ بنتُ أبي بكر الصِّدِّيق ، وأبو بكر هو عبد الله بنُ عثمانَ بنِ عمرو بنِ عامر التيميّ القرشيّ ، فإذاً هي قرشيَّةٌ ، و أمُّها منْ كنانة ، وهي أمُّ رُومان بنتُ عامر الكنانيَّة ، هي أمُّ عائشةَ رضيَ الله عنها وأرضاها .
أسماءُ أختُ عائشةَ منْ أبيها ، فأسماءُ أمُّها قُتيلة بنتُ عبد العِزَّى القرشيَّة ، أما عائشةُ فأمُّها منْ كنانة تختلفُ عن أسماء ، وأسماء كانت أكبر منْ عائشةَ بعشرِ سنواتٍ .
الشَّاهدُ أنَّ عائشةَ رضيَ الله عنها تميَّزت وخصَّها الله تبارك وتعالى بخصائصَ فاقتْ بها نساءَ النبيِّ وغيرَ نساءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقبلَ أنْ نتكلَّم عن هذه الخصائصِ نتكلَّم عن فضائلِ أو بعضِ فضائلِ عائشةَ لأننا لا يمكنُ أبداً أنْ نذكرَ جميعَ فضائلِ عائشةَ في مثلِ هذا الوقتِ الضَّيِّقِ .
*- منْ فضلِ عائشةَ رضيَ الله عنها أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سُئِلَ
جاءَه عمرو بنُ العاص فقالَ : يا رسولَ الله مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟
النَّاس .. عَمَّ النَّاسَ كلَّهم .
مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟
قالَ : عائشة .
قالَ : ومِنَ الرِّجالِ ؟
قالَ :أبوها .
قالَ : ثم مَنْ ؟
قالَ : عمر .
يقولُ : فسكتُّ ، يقولُ عمرو بنُ العاص .
لأنَّ النبيَّ كانَ قد أمَّره على جيشٍ فظنَّ أنَّ له منَ الفضلِ الشَّيءَ العظيمَ فتوقَّع أنْ يذكرَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، يقولُ : فسكتُّ بعدَ ذلكَ .
والشَّاهدُ منْ هذا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما سُئِلَ عن أحبِّ النَّاسِ إليه - ولا يحبُّ إلا طيِّباً صلواتُ ربي وسلامُه عليه - قالَ : " عائشة " .
فبيَّن منزلتَها ومكانتَها عنده صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
*- جاءَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قالَ عنها : " فضلُ عائشةَ على النِّساءِ كفضلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعام " ، والثَّريدُ ما نسمِّيه نحن الآن في أيامنا هذه (بالتشريب) الذي يكونُ خبزاً ولحماً ، وكانَ في ذلك الوقتِ منْ أطيبِ الطَّعامِ عندهم كما قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لعليٍّ في حديث : " لأن يهدي الله بكَ رجلاً خيرٌ لكَ منْ حُمرِ النَّعَم " ، فكانتْ حُمرُ النَّعَمِ وهي الإبلُ الحمراءُ في ذلك الوقتِ كانتْ أحبَّ الأموالِ إلى النَّاسِ .
فذكرَ الفضلَ بالتَّشبيهِ بحُمرِ النَّعَم ، وهنا ذكرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فضلَ عائشةَ على النِّساءِ بأفضلِ الطَّعامِ في ذلك الوقتِ وهو الثَّريد .
*- عائشةُ رضيَ الله عنها جاءَها النبيُّ يوماً فقالَ لها : "يا عائشةُ إني لأعلمُ متى ترضين عني ومتى تغضبين مني " .
قالتْ : أوَ تعلمُ ذلك يا رسولَ الله ؟!
قالَ : نعم أعلم إذا كنتِ راضيةً أو كنتِ غضبى .
قالتْ : وكيف ذلك يا رسولَ الله ؟
قالَ : " إذا كنتِ راضيةً عني تقولين : وربّ محمَّد ، وإذا كنتِ غضبى تقولين وربّ إبراهيم ".
مع أنَّ ربَّ محمَّد هو ربُّ إبراهيم سبحانه وتعالى .
قالتْ : صدقتَ يا رسولَ الله ، والله لا أهجرُ إلا اسمَك فقط .
*- عائشةُ رضيَ الله عنها تميَّزت بالعلمِ ، ميَّزها الله بالعلمِ ، حتى نُقِلَ عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أقوالٌ كثيرةٌ في هذا الجانبِ ، وقبل أنْ نذكرَ هذه الأقوالَ يكفيننا أنْ نعلمَ أنَّ أكثرَ امرأةٍ روتْ أحاديثَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عائشةُ رضيَ الله عنها ، إذْ روتْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قريباً منْ مئتي حديث وألفيْ حديثٍ ، يعني ألفين ومئتي حديثٍ روتْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهي ثاني راوية عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقيلَ إنَّ أنساً روى أكثرَ منها .
على كلِّ حالٍ عندما يُذكرُ السَّبعةُ الذين هم تجاوزوا الألفَ في روايتِهم عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهم أبو هريرةَ ، وعائشة ، وعبد الله بن عمر ، وأنس ، وابن عباس ، وجابر ، وأبو سعيد الخدري ، هؤلاء الذين تجاوزوا الألفَ في روايتِهم يذكرون عائشةَ إما الثانية أو الثالثة بين هؤلاء .
أقربُ امرأةٍ إلى عائشةَ في الرِّوايةِ أمُّ سلمةَ ، روتْ ثلاثمئة حديثٍ .
ولذلك قالَ أهلُ العلم : لو جُمِعَ علمُ جميعِ أمهات المؤمنين وما روينَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يأتي نصف ما روتْه عائشةُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، بل ولا أقلَّ منْ ذلك .
حتى قالَ الزُّهريُّ رحمه الله تبارك وتعالى : لو جُمِعَ علمُ عائشةَ إلى علمِ جميعِ أزواجه وعلمِ جميعِ النِّساءِ لكانَ علمُ عائشةَ أفضل ، رضيَ الله عنها وأرضاها .
وكانَ أبو موسى الأشعري - وهو منْ فقهاءِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم - يقولُ : ما أشكلَ علينا أصحاب رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حديثٌ قطّ فسألنا عائشةَ عنه إلا وجدنا عندها عِلْماً .
ويقولُ مسروق : رأيتُ المشيخةَ - ومسروق منْ كبار التابعين-
يقولُ : رأيتُ المشيخةَ منْ أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأكابر يسألونها في الفرائضِ .
يعني في أحكام المواريث ، رضيَ الله عنها وأرضاها .
ويقولُ عطاءُ بنُ رباح : كانتْ عائشةُ أفقهَ النَّاسِ وأعلمَ النَّاسِ وأحسنَ النَّاسِ رأياً في العامَّة .
ويقولُ عنها عروةٌ ابنُ أختِها ، يقولُ ابنُ أسماء : ما رأيتُ أحداً أعلمَ بفقهٍ ولا طِبٍّ ولا شعرٍ منْ عائشةَ رضيَ الله عنها وأرضاها .
فهذا علمُ عائشةَ رضيَ الله عنها وأرضاها .
ولذلك عندما نعودُ ونتكلَّم عن خصائص عائشةَ فإننا نجدُ أنَّ منْ خصائصِها
*- أنها أعلمُ النِّساءِ على الإطلاقِ رضيَ الله عنها وأرضاها .
كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقسمُ لنسائهِ ، ليلة لأم سلمة .. ليلة لأم حبيبة .. ليلة لصفيَّة .. ليلة لجويريَّة ..ليلة لميمونة..لزينب بنت خزيمة ..لزينب بنت جحش...الخ ، كانَ يقسمُ لكلِّ واحدةٍ منْ أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلةً .
عائشة رضي الله عنها كانَ يقسمُ لها ليلتين ، يخصُّها .
طيب ..
هل هذه تفرقةٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟؟
أو ظلم منه صلواتُ ربي وسلامُه عليه ؟؟
لا.. ولكنَّ سودةَ بنتَ زمعة أمّ المؤمنين بلغَها أو أحسَّت أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يمكنُ أنْ يفارقَها فأتتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقالتْ : يا رسولَ الله ، إني أريدُ أنْ أَهَبَ ليلتي لعائشةَ ، وأريدُ أنْ أكونَ زوجتَك في الآخرةِ ، في الجنَّة ، فقبلَ منها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجعلَ ليلتَها لعائشةَ ، فكانَ يقسمُ لعائشةَ ليلتين ويقسمُ لسائرِ أزواجهِ ليلةً ليلة .
كانتْ متميِّزةً ، ولذلك كانَ النَّاسُ يعلمون أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يكونُ أشدّ فرحاً وأشدّ سعادةً إذا كانَ في ليلةِ عائشة ، فماذا كانَ يصنع النَّاسُ ؟
إذا كانَ يومُ عائشةَ يُهدون للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الهدايا منْ طعامٍ أو غيرِه وغالبُ هداياهم في ذلك الوقتِ الطَّعام .
يعني سعد بن عبادة كمثال / ما كانَ يمرُّ يومٌ إلا ويهدي للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ في يومِ عائشةَ يختلف الهدية تكونُ أفضل .
باقي الصَّحابةِ منَ الأنصارِ والمهاجرين يحرصون على أنْ يُهدوا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في يومِ عائشةَ ، لأنهم يعلمون أنه الآن أسعد .
نساءُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شعرنَ بذلك ، أنه يُهدى للنبيِّ في يومِ عائشةَ أكثر مما يُهدى له في سائرِ أيامهنَّ ، فحزنَّ لذلك فاجتمعنَ ، اجتمعتْ سودةُ وأمّ سلمة وأمّ حبيبة وصفية وحفصة وميمونة...الخ ، اجتمعتْ أمهات المؤمنين يناقشنَ هذا الأمرَ .
لماذا يُهدي النَّاسُ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في يومِ عائشةَ أكثر مما يُهدون له في أيامنا نحن .
طيب والحلّ ؟
فاخترنَ أمَّ سلمةَ أنها تذهبُ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتقولُ له : مُرِ النَّاسَ أنْ يُهدوا لكَ في كلِّ يومٍ وليس في يومِ عائشةَ فقط ، نحن نشعرُ بالتمييز بيننا وبين عائشة ، قلنَ يعني كلِّميه إذا جاءَ في يومك ، فلما كانَ في يوم أمِّ سلمةَ زارَها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في يومِها أو أتاها في يومِها فقالتْ له : يا رسولَ الله إن نساءك ينشدنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافة .
فَمُرِ النَّاسَ أنْ يُهدوا لك في كلِّ يومٍ ولا يخصُّون يومَ عائشةَ ، فسكتَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يردّ عليها شيئاً .
وطبعاً باقي النِّساء ينتظرنَ متى يلتقينَ بأمِّ سلمةَ حتى يسمعنَ النَّتيجةَ .
فلمَّا جِئْنَ منَ الغد و زُرْنَ أمَّ سلمةَ ...ها ماذا قالَ لكِ ؟ ماذا قلتِ له ؟
قالتْ : قلتُ له كذا كذا .
قلنَ : ماذا قالَ لكِ ؟
قالتْ : ما ردَّ عليَّ بشيءٍ ، سكتَ .
قالوا : طيب إذا كان في يومِك - يعني المرَّة القادمة إذا جاءَ دورك - أعيدي عليه السُّؤالَ مرَّة ثانيةً
فقالتْ : نعم ، فلما كانَ يومُها طرحتْ عليه المسألةَ مرَّة ثانيةً ، فلم يردّ عليها صلَّى الله عليه وسلَّم .
فاجتمعنَ معها منَ الغد ، ...ها.. ماذا قالَ لكِ ؟
قالتْ : ما ردَّ عليَّ شيئاً .. سكتَ .
فماذا صنعنَ ؟ ذهبنَ إلى فاطمةَ بنتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
هذه غيرةُ النِّساءِ .. وهذا أمرٌ طبيعيٌّ
فذهبنَ إلى فاطمةَ فذكرنَ لها ذلك .
قالتْ : نعم أكلِّمه .
فذهبتْ إليه في يومِ عائشةَ ، وهو مع عائشةَ في الفِرَاشِ .
فقالتْ له : يا رسولَ الله أو يا أبتِ إنَّ نساءك ينشدنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافة ، فَمُرِ النَّاس أنْ يُهدوا لك في كلِّ يومٍ .
فماذا قالَ لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
قالَ :يا فاطمةُ أتحبِّين ما أحبُّ ؟
قالتْ : نعم .
قالَ :فأحبِّي هذه .
أحبِّي هذه المرأة .
فخرجتْ فاطمةُ رضيَ الله عنها إلى نساءِ النبيِّ .
قلنَ : ماذا قالَ لكِ ؟
قالتْ : قالَ لي كيت وكيت .
قلنَ : ما صنعتِ شيئاً .
فأرسلنَ زينب بنت جحش .
تقولُ عائشةُ : وهي التي كانتْ تُساميني في المنزلةِ ، يعني كانَ النبيُّ أيضاً يحبُّها كثيراً .
وهي بنتُ عمَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
فأرسلنَ زينب بنت جحش .
فدخلتْ زينبُ بنتُ جحش على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومعه عائشة .
فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءك ينشدنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافة ، فَمُرِ النَّاسَ يُهدون لك في كلِّ يومٍ .
تقولُ عائشةُ : ثم تكلَّمت عليَّ - يعني مسَّتني بكلام - بين يدي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
تقولُ : وأنا ساكتةٌ والنبيُّ ساكتٌ
تقولُ : فالتفتُّ إلى النبيِّ هل يأذنُ لي أنْ أردَّ .. أدافع عن نفسي أو شيء .
تقولُ : فالتفتُّ إلى النبيِّ فتبسَّم ففهمتُ أنه أذنَ لي .
تقولُ : فرددتُ عليها حتى أسكتُّها .
لكنْ لم تذكرْ ماذا قالتْ وماذا ردَّت عليها ، المهم أنها أسكتتْها..تقول
تقولُ : فرددتُ عليها حتى أسكتُّها .
فقالَ لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم .. لزينب :إنها ابنةُ أبي قحافة .
يعني ما تقدرين عليها .. إنها ابنةُ أبي قحافة
فخرجتْ زينبُ رضيَ الله عنها وأرضاها
فالقصدُ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانَ يقسمُ لها ليلتين ، فكانَ يحبُّها أكثر مما يحبُّ سائرَ نسائهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهذا لا يضرُّ .
يعني إذا كانَ فيكم أحد معدِّد ما يضرّ ، المحبَّة القلبيَّة لا تضرُّ .
المهم العدل في المعاملة أمَّا القلبُ فإنَّ الإنسانَ لا يملكُه ، ولذلك جاءَ في الحديثِ - وإنْ كانَ فيه ضعفٌ - أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ : " اللهمَّ هذا قسمي فيما أملكُ فلا تؤاخذني فيما لا أملكُ "وهو القلب .
عائشةُ رضيَ الله عنها منْ خصوصيَّاتها
*- أنَّ النِّساءَ كنَّ يزوِّجهنَّ آباؤهن بينما عائشةُ تزوَّجتْ بطريقةٍ أخرى مختلفةٍ
يقولُ لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " أُرِيْتُكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ ، يأتني جبريل بسرقة منْ حرير - يعني قطعة منْ حرير ، قماش منْ حرير - فيقولُ لي هذه زوجتُك في الدُّنيا ، فأكشفُ فإذا أنتِ " يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم :" ثم جاءني الثانية و جاءني الثالثة " ثلاث مرات في المنام يراها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهذه الطريقةِ - فقلتُ إنْ يكنْ هذا منَ الله يُمْضِهِ " ، يعني يقع هذا الأمر إنْ كانَ منَ الله ، وفعلاً أوقعَه الله تبارك وتعالى وتزوَّج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عائشةَ رضيَ الله عنها وأرضاها .
قلنا إنَّ النبيَّ تزوَّج نساءً كثيراتٍ ، يعني لو حاولنا أنْ نعدَّ أمَّهات المؤمنين خديجة كانتْ متزوِّجة قبل أنْ يتزوَّجها النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم .. أمّ حبيبة كذلك ..صفية كذلك .. جويرية كذلك ..حفصة كذلك .. أمّ سلمة كذلك ..ميمونة كذلك ..زينب .. زينب..كلُّ أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كنَّ تزوَّجنَ قبلَ النبيِّ إلا عائشة هي الوحيدة التي تزوَّجها النبيُّ بِكْراً ، لم يتزوَّج بِكْراً غير عائشة رضيَ الله عنها ، أي لم تطَّلعْ على رجلٍ غير رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- لما مرضَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لِشِدَّةِ عدلهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو مريضٌ يكونُ ليلةً عند فلانةٍ .. ليلة عند الأخرى ..وليلة عند.. وهكذا ، يتناوبنَ عليه ، ولما اشتدَّ به المرضُ أحسَّتِ النِّساءُ أنَّ النبيَّ يريدُ أنْ يبقى في مكانٍ واحدٍ .
لأنَّ التَّنقُّل هذا يُؤذيه لأنَّ أزواجَ النبيِّ كلّ واحدةٍ لها حجرةٌ ، حجرات .
فاستأذنَ النبيُّ نساءه أنْ يمرَّض في بيتِ عائشةَ فأذنَّ له ، فبقيَ في بيتها اثني عشر يوماً صلَّى الله عليه وسلَّم ، قضى هذه الأيام كلَّها في بيتِ عائشةَ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
*- وقبيل أنْ يتوفَّاه الله تبارك وتعالى كانتْ عائشةُ عنده فدخلَ عليها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وكانَ معه سواك .
تقولُ عائشةُ رضيَ الله عنها : فأبدَّه رسول الله نظرَه .
يعني صارَ ينظرُ إلى السِّواك
تقولُ عائشةُ : فعلمتُ أنه يريدُه ، فقلتُ له : تريدُه ؟
تريدُ السِّواك ؟
فأشارَ برأسهِ أنْ نعم
تقولُ : فأخذتُه منْ عبد الرحمن ثم قضمتُه وليَّنتُه .
أي بأسنانها ، بريقها ، قضمتْه ثم ليَّنتْه ثم أعطتْه النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فاستاكَ به أحسن ما يستاكُ
تقولُ : فآخرُ ما لقيَ ريقَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ريقي .
يعني التقى ريقُها بريقِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبيل وفاتهِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
*- ولما توفَّاه الله كانَ على صدرِها .
تقولُ :تُوُفِّيَ رسولُ الله وهو بين سحري ونحري ..بين سحري ونحري.
ماتَ على صدرِها صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
*- ثم كذلك دُفِنَ في بيتِها ، ما دُفِنَ في بيتِ امرأةٍ أخرى ، فكانَ في كلِّ يومٍ عندها حتى توفَّاها الله تبارك وتعالى ..كلّ يوم عندها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- عائشةُ رضيَ الله عنها جاءتْ يوماً إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهي صغيرةٌ في السِّنِّ ، تقولُ : وكنَّا خرجنا في سفرٍ .
فقالَ لها :يا عائشةُ تُسابقينني ؟
قالتْ : نعم .
فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم ، فتقدَّم الجيشُ وظَلَّ هو وعائشة متأخِّرينِ .
قالَ :نتسابق الآن .
فتسابقَ معها صلَّى الله عليه وسلَّم فسبقته .
تقولُ : ثم بعد سنواتٍ لما ثَقُلْتُ قليلاً جاءني
وقالَ لي : تسابقينني ؟
فقلتُ : نعم .. فسابقتُه فسبقَني .
فقالَ لي :هذه بتلك .
تصوَّر الآن سَبْق النبيِّ لها .. يعني هي عائشة تُوُفِّيَ النبيُّ ولها ثماني عشرة سنة وهو ثلاث وستين ، يعني كانَ سبقها في الثانية فهو ستين وهي خمس عشرة سنة ومع ذلك سبقَها صلَّى الله عليه وآله وسلَّم .
المهم أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانَ يُداريها ويحبُّها ويُظهرُ وُدَّها أكثر منْ غيرها رضيَ الله عنها وأرضاها .
*- في فضلِها نزلتْ آيةُ التَّيمُّم ، سافرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أصحابهِ في غزوةٍ ولما رجعَ في الطَّريقِ صلَّى الله عليه وسلَّم جلسوا ، لأنهم كانوا يسيرون في الليل ويرتاحون في النهار لترتاح الدَّوابُّ وهم يرتاحون ، فكانوا دائماً يسيرون في الليل ويرتاحون في النهار .
في يومٍ منَ الأيام أثناءَ سفرِهم ارتاحوا في النهارِ ثم لما جاؤوا ينطلقون في آخرِ العصرِ قريب منَ المغرب وإذا عائشةُ فقدتْ عِقْدَها فجاءتْ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالتْ : فقدتُ عِقْدِي .
قالَ : ما أحد يسافرُ ، تبحثون عن عِقْدِها .
فأوقفَ النَّاسَ كلَّهم ليبحثوا عن عِقْدِ عائشةَ رضيَ الله عنها .
فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاءَ وهو متعبٌ فجاءَ ونامَ على فَخِذِ عائشةَ رضيَ الله عنها ، والنَّاسُ يبحثون عن عِقْدِ عائشةَ رضيَ الله عنها .
تقولُ : فجاءَ أبو بكر الصِّدِّيق - أبوها - وهي صغيرةٌ في السِّنِّ ( يعني على ما نقول نحن في التعش ) يعني ثلاثة عشرة سنة ، أربعة عشرة سنة ، هكذا في سِنٍّ صغيرةٍ ، فجاءَها أبوها أبو بكر الصِّدِّيق .
تقولُ : فقالَ لي : يا بُنَيَّة ، حبستِ رسولَ الله وحبستِ النَّاسَ لأجلِ عِقْدٍ ؟؟!!
تقولُ : وكانَ ينغزُني في بطني ، في خاصرتي .. يضربني بأصبعه .
في خاصرتها ضرب.. ما يقدر يصرخ ، ما يقدر لأنَّ الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم نائمٌ بجانبه
فيقولُ : حبستِ رسولَ الله لأجلِ عِقْدٍ!! فيضرب
تقولُ : ألم ولكنْ لا أستطيعُ أنْ أتكلَّم لأنَّ الرَّسولَ على فَخِذِي ، صلَّى الله عليه وسلَّم .
تقولُ : و فَقَدَ النَّاسُ الماءَ .
تقولُ : وبينما نحن كذلك نزلتْ على النبيِّ آياتُ التَّيمُّم .
فقالَ أبو موسى الأشعريّ : ليستْ هذه بأوَّل بركاتِكم يا آلَ أبي بكر الصِّدِّيق
يعني نزلتْ هذه الآية ، آية التيمم ، قول الله تبارك وتعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا...(6) " سورة المائدة فنزلتْ هذه الآيةُ ، وقيلَ آية النِّساء التي نزلتْ في تيمُّم النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، المهم أنها نزلتْ آيةُ التَّيمُّم في سببِ عائشةَ رضيَ الله عنها .
ولذلك كانَ يقولُ أبو موسى الأشعري : ليس هذا بأوَّل فضلِكم يا آلَ أبي بكر .
*- عائشةُ رضيَ الله عنها وأرضاها كانتْ صوَّامةً ، كانتْ تصومُ الدَّهرَ كلَّه ما تفطرُ إلا في العيدِ .. في يومي العيد فقط عيد الفطر وعيد الأضحى وتصوم الدَّهر كلَّه.. تسردُ الصَّومَ ، وهذا كانَ هدياً لكثيرٍ منَ السَّلَفِ رحمهم الله تبارك وتعالى كانوا يسردون الصَّومَ .
وكانَ بعضُهم يغيبُ عنه حديثُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " أفضلُ الصَّومِ صومُ داوود ، كانَ يصومُ يوماً ويفطرُ يوماً " ، وبعضُهم كانَ يتأوَّل بهذه المسألة لمنْ كانَ لا يستطيعُ أنْ يصومَ كلَّ يومٍ ، لكن الشَّاهد أنَّ عائشةَ رضيَ الله عنها كانتْ تسردُ الصَّومَ فلا تفطرُ إلا في يوم الفطر ويوم الأضحى فقط وأيام التشريق الأيام المنهي عن صومِها فقط ، وإلا كانتْ تسردُ الصَّومَ رضيَ الله عنها .
*- وكانتْ كثيرةَ النَّفَقَةِ .. جاءَها النبيُّ يوماً بشاةٍ فقالَ لها : احفظي هذه الشَّاة .
أعطاها الشاة .. ثم خرجَ إلى أصحابهِ فلما رجعَ إلى البيتِ قالَ : ما بقيَ في الشَّاةِ .
لأنه قد علَّمها النَّفَقَةَ وتعلَّمتْ هذا في بيتِ أبي بكرٍ
قالَ :ما بقيَ منَ الشَّاةِ ؟
قالتْ : ذهبتْ كلُّها إلا الذِّراعَ .
لأنَّ الرَّسولَ كانَ يحبُّ الذِّراعَ صلَّى الله عليه وسلَّم فأبقتْه له صلَّى الله عليه وسلَّم وتصدَّقتْ بالشَّاةِ كلِّها .
فقالَ لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : بل بقيتْ كلُّها إلا الذِّراع .
يعني ما تصدَّقتِ به هو الذي بقيَ ، أي عند الله جلَّ وعلا .. احتسبي الأجرَ فيه .
لم تنسَ هذه الكلمةَ منْ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- ولذلك في عهدِ معاويةَ أُتِيَتْ عائشةُ بمئة ألف دينار ..أُعْطِيَتْ لها ، فلما وصلتْها هذه الأموالُ تصدَّقتْ بها في اليوم نفسهِ قبل ما يؤذِّن المغرب .. منَ العصر تصدَّقتْ بالمالِ كلِّه .
لنفرضِ الماَل وصلَها الضُّحى .. ما أذَّن عليها العصرُ إلا المال كلّه نفذَ .
فقالتْ لها خادمتُها بَريرة : يا أمَّ المؤمنين لو أبقيتِ ديناراً نشتري به لحماً لفطركِ .
يعني أنتِ صائمةٌ ما عندك شيء تأكلينه للفطور
لو أبقيتِ ديناراً لنشتريَ به لحماً لفطركِ
فماذا قالتْ لها أمُّ المؤمنين ؟
قالتْ : لو ذكَّرتِني لفعلتُ
ما ذكرتني كنتُ أخفيتُ ديناراً ولكنْ ما ذكَّرتني .. فتصدَّقتْ بالمالِ كلِّه رضيَ الله عنها .
*- وتصدَّقتْ يوماً بصدقةٍ عظيمةٍ فغضبَ عبدُ الله بنُ الزُّبير ، ابنُ أختِها ، وكانتْ تحبُّه كثيراً ، بل كانتْ تكنى بأمِّ عبدِ الله مع أنه ما عندها عيال رضيَ الله عنها لكنْ تكنى بعبد الله بنِ الزُّبير ، يقالُ لها : أمّ عبد الله ، وكانتْ تحبُّه كثيراً .
فتصدَّقتْ يوماً بصدقةٍ عظيمةٍ
فغضبَ عبدُ الله بنُ الزُّبير لما قيلَ له ، قالَ: أو فعلتْ ذلك ؟!
قالوا : نعم .
قالَ : لأَحْجُرَنَّ عليها .. لأحجرنَّ عليها .
فبلغَ الكلامُ عائشةَ رضيَ الله عنها .
قالوا : إنَّ عبدَ الله بنَ الزُّبير غضبَ لهذه الصَّدقةِ الكبيرةِ التي تصدَّقتِ بها وقال : لأحجرنَّ عليها .
قالتْ : أوَ قالَ ذلك ؟! أوَ قالَ ذلك ؟!
قالوا : نعم .
قالتْ : والله لا أكلِّمه أبداً حتى يفرِّق بيني وبينه الموتُ .
كيفَ يقولُ عني هذا الكلامَ ، أنا خالتُه وأمُّه
أمّ المؤمنين وخالته يقولُ عني هذا الكلام ؟! والله لا كلَّمته أبداً حتى يفرِّق الموتُ بيني وبينه.
فلمَّا بلغَ هذا الشَّيء عبدَ الله بنَ الزُّبير حزنَ كثيراً .. يروحُ لها ما تكلِّمه .. يحاولُ ما تكلِّمه .. يدز واسطات ما فيه فائدة .. أبداً ما تردّ عليه .
حتى جاءَ يومٌ عملَ معها حيلةً وهو أنه استأذنَ المِسْوَر بن مَخْرَمَة وعبد الرحمن بن يزيد بن الأسود فقالَ لهما : استئذنا على عائشةَ وأدخلاني معكما .
قالوا : كيف ، هي لا تأذنُ لك ؟!!
فاتَّفقَ معهما على حيلةٍ ، فجاءَ عبدُ الرحمن بن يزيد والمِسْوَر بنُ مَخْرَمَة فاستأذنا على عائشةَ ، يريدان أنْ يدخلا يسألانها في مسألةٍ ، ودخلَ عبدُ الله بنُ الزُّبير تحت عباءةِ أحدِهما ، يعني تحت البشت... يعني يلبس عباءة (بشت) ودخلَ تحت البشت ، فاستأذنا
قالوا : ندخل ؟
قالتْ : نعم ادخلا .
قال : ندخلُ كلُّنا ؟
لأنَّ معهما آخر .
قال : أندخلُ كلُّنا ؟
قالتْ : نعم كلُّكم .
هي تظنُّ هذان .. يعني هذين اثنين سيدخلان
فقالتْ : نعم كلُّكم .
فدخلوا عليها وهي منْ وراء حجابٍ ساترٍ بينها وبينهما أو بينهم لأنَّ معهم ثالث عبد الله بن الزبير ، فاخترقَ الحجابَ ودخلَ عليها واحتضنَها وبكى رضيَ الله عنه وعنها ، فبكتْ ولم تملكْ نفسَها لأنها كانتْ تحبُّه كثيراً ، فبكى وبكتْ وطلبَ منها أنْ تغفرَ له وأنْ تسامحَه وكذا .. ثم تكلَّم المِسْوَر وعبد الرحمن بن يزيد يعني يطلبان منها أنْ تسامحَ ، وذكرا لها حديثَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ " ، المهم ما زالا معها ما زالا معها حتى رضيتْ عنه رضيَ الله عنها ، ثم بعد ذلك - لأنها حلفتْ ألا تكلِّمه - بعد ذلك أعتقتْ أربعين نفساً .. اشترتْ أربعين عبداً وأعتقتهم لتكفِّر عن يمينها رضيَ الله عنها وأرضاها .
*- خيَّر الله أو أمرَ الله نبيَّه أنْ يخيِّر نساءَه : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا(29) "سورة الاحزاب ، فجمعَ النبيُّ نساءَه وقرأَ عليهنَّ هاتين الآيتين "...إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا..." لأنه اشتكينَ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شظفَ العيشِ .
لأنَّ عائشةَ ماذا تقولُ ؟
قالتْ : كانَ يمرُّ الهلالُ ثم الهلالُ ثم الهلالُ لا يُوْقَدُ في بيتِ رسولِ الله نارٌ .
حتى قالَ لها عروةُ ابنُ أختها : فماذا كانَ طعامُكم ؟
قالتْ : الأسودان التَّمر و الماء .
هذا بيتُ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم يأكلُ تمراً وماءً فقط ... يمرُّ الهلالُ ثم الهلالُ ثم الهلالُ يعني تسعين يوماً .
أبداً ما فيه ..الأسودان التمر والماء .
فبعضُ نساءِ النبيِّ طلبنَ منه أنْ يعطيهنَّ منَ المال أو يفتحَ لهنَّ منْ أمور الدُّنيا وكذا...
فأنزلَ الله تباركَ وتعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا " أطلقكنَّ وعِشْنَ هذه الحياةَ الدُّنيا .
" وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا " فجمعهنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقرأ عليهنَّ
وقالَ : اخترنَ هذا أو هذا .. الحياة الدنيا أو الدَّار الآخرة ؟
ثم نادى عائشةَ لأنه كانَ يحبُّها
وقالَ : " لا تتعجَّلي استشيري والديكِ .. لا تتعجَّلي استشيري والديكِ "
لأنه كما قلنا كانتْ صغيرةً ، النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تُوُفِّيَ وعمرُها ثماني عشرة سنةً
فقالَ : استشيري أبويك.
فقالتْ : يا رسولَ الله أوَ أختارُ غيرَك؟!! فإني أختارُك ..أختارُ الله ورسولَه والدَّار الآخرةَ .
*- فهي أوَّل مَنِ اختارَ منَ النِّساءِ على صِغَرِ سِنِّها ، هي أوَّل واحدة في نساءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اختارتِ الله ورسولَه والدَّارَ الآخرةَ رضيَ الله عنها وأرضاها .
*- وقعتْ لها حادثةٌ في حياةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، حادثةٌ مريرةٌ .
وهي حادثةُ الإفكِ ، حيثُ إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سافرَ في غزوةِ بني المصطلق وفي العودة .. وقعتْ قِصَّةٌ طويلةٌ لا مجالَ الآن لذكرِ تفاصيلِها ولكنْ تأخَّرتْ عائشةُ رضيَ الله عنها ، ذهبتْ تقضي حاجتَها فانطلقَ الجيشُ يظنونها قد ركبتْ في هودجِها على جملِها ولم تكنْ كذلك .
كانتْ تبحثُ عن عِقْدِها ، فسافرَ النَّاسُ ، ثم بقيتْ وحدَها رضيَ الله عنها ، وجاءَ صفوانُ بنُ المعَطِّل في الفجر .
قلنا إنَّ النبيَّ كانَ يسيرُ في الليل ويرتاحُ في النهار ، فكانَ مرتاحاً النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، قبيل المغرب النبيُّ أرادَ أنْ ينطلقَ .
عائشةُ ذهبتْ تبحثُ عن عِقْدِها .
مرَّتين ضاعَ عِقْدُها ، مرَّة عندما نزلتْ آيةُ التيمُّم وهذه المرَّة ،ولكن هذه المرَّة عِقْدُ أسماء أختها كانَ عندها ، فالمهم أنها فقدتِ العِقْدَ فصارتْ تبحثُ عنه فانطلقَ الجيشُ ، رجعتْ ما وجدتْ أحداً وكانَ الليلُ قد دخلَ عليها .
فظلَّت في مكانها تنتظرُ أنهم يفقدونها ثم يرجعون إليها ، هم لا يقفون ، يسيرون طوالَ الليل إلى الفجر تقريباً .
فانتظرتْ في مكانها رضيَ الله عنها ثم نامتْ ، وفي الفجر صفوان بن المعَطِّل قدَّر الله أنه متأخِّر فجاءَ في نفسِ الطَّريق فوجدَ السَّوادَ منْ بعيدٍ ، فلمَّا اقتربَ فإذا هي أمُّ المؤمنين عائشة رضيَ الله عنها ، فنوَّخ جملَه ( أناخه) ، ثم ركبتْ على الجملِ وسارَ يقودُه مشياً على الأقدام ، هو يمشي وهي على الجملِ حتى - لأنه قلنا إنهم يمشون في الليل وفي النهار- وقفَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أصحابهِ .. فقدوا عائشةَ .
فجاءَ صفوانُ بنُ المعَطِّل وصلَ إليهم في الضُّحى وإذا معه أمُّ المؤمنين عائشة رضيَ الله عنها .
فبعضُ النَّاسِ منَ المنافقين وجدَها فرصةً للطَّعن في النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ الخبيثُ عبدُ الله بنُ أبيّ بن سَلول وغيره قالوا : ما جاءَ معها - أي صفوان - إلا وقد فجرَ بها وفجرتْ به .. والعياذُ بالله .
يعني اتهمَها بالزِّنا ، المهم انتشرَ هذا الخبرُ بين الناس - والعياذُ بالله - فصارَ بعضُ النَّاسِ يتناقلُ الخبرَ ، وممنْ نقلَ هذا الخبرَ منَ الطيِّبيين ثلاثة منَ الصَّحابةِ هؤلاء الصَّحابة الثلاث ( مِسْطَح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر الصديق ، والثاني حسان بن ثابت شاعر النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، والثالث امرأة وهي حَمْنَة بنت جَحْش أخت زينب بنت جَحْش أمّ المؤمنين ) ، هؤلاء الثلاث سمعوا النَّاسَ يتكلَّمون فتكلَّموا .
قالوا : إنَّ عائشةَ وقعَ منها الزِّنا مع صفوان .
فهذا قذفٌ .
فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ظلَّ شهراً كاملاً لا يتكلَّم مع النَّاسِ في هذا الموضوع .
يعني مصيبة عظيمة حلَّت به صلواتُ ربي وسلامُه عليه أنه اتُّهِمَ في عرضهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حتى أنزلَ الله براءَتها منَ السَّماء ، وسمَّى الحديث الذي دِير والذي تُكُلِّمَ فيه إفكاً فقال : " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ .... 11() "سورة النور وبرَّأ الله عائشةَ رضيَ الله عنها .
ولذلك إذا مُدِحَتْ عائشةُ رضيَ الله عنها يقالُ لها ماذا ؟
المبرَّأة منْ فوق سبع سماوات ، أي انَّ الله برَّأها سبحانه وتعالى .
شاهدُ الأمرِ أنه بعد أنْ بُرِّئَتْ عائشةُ رضيَ الله عنها منْ هذا الإفكِ وكانَ حسَّان ممن تكلَّم فيها ، فجاءَ يعتذرُ حسان بن ثابت لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعدما نزلتِ البراءةُ نادى حسَّان بنَ ثابت ومِسْطَح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وجلدَهم حَدَّ القذف ثمانين ..ثمانين ..ثمانين ، كلّ واحد ثمانين جلدةً لقذفِهم لأمِّ المؤمنين عائشةَ رضيَ الله عنها .
ثم أرادَ حسَّان بنُ ثابت أنْ يعتذرَ لعائشةَ رضيَ الله عنها مما قالَ
فقالَ لها :
رأيتكِ وليغفرْ لكِ الله حُرَّةً *** مِنَ المحصَناتِ غيرِ ذاتِ غوائلِ
حَصَانٌ رَزَانٌ لا تُزَنُّ بريبةٍ *** وتصبحُ غَرْثَى منْ لحومِ الغوافلِ
فقالتْ له عائشةُ : ولكنك لستَ كذلك..أنتَ لستَ كذلك ، أنتَ تكلَّمتَ فيَّ .. ولكنك لستَ كذلك يا حسَّان .
فقالَ لها :
وإنَّ الذي قد قيلَ ليسَ بلائقٍ *** بكِ الدَّهرَ بل قيلُ امرئٍ مُتَمَاحِلِ
مُهَذَّبَةٌ قد طَيَّبَ الله خِيمَها *** وطهَّرها منْ كلِّ سُوءٍ وباطلِ
فإنْ كنتُ أهجوكم كما بلَّغوكمُ *** فلا رفعتْ سوطي إليَّ أناملي
وكيفَ ووُدِّي ماحَييتُ ونُصْرَتي *** لآلِ رسولِ الله زَيْنِ المحافلِ
فاعتذرَ حسَّان لعائشةَ رضيَ الله عنها فرضيتْ وسامحته وانتهى هذا الأمرُ .
وكانتْ هذه الحادثةُ قد أُصِيبتْ بها عائشةُ ولها منَ العمر اثنتا عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة .
مرضتْ أمُّنا أمُّ المؤمنين عائشة سنة سبعٍ وستين منَ الهجرة وكانَ عندها ابنُ أخيها عبدُ الله بنُ عبد الرحمن بنِ أبي بكر الصِّدِّيق .
فجاءَ عبدُ الله بنُ عباس يستأذنُ عليها يريدُ أنْ يزورَها
فقالَ لها ابنُ أخيها : هذا عبدُ الله بنُ عباس يستأذنُ عليك .
قالتْ : دعني مِنِ ابنِ عباس ، فالذي أنا فيه...
يعني مشغولة بنفسِها في سكراتِ الموت .
قالتْ : دعني مِنِ ابنِ عباس
فقالَ لها عبدُ الله بنُ عبد الرحمن : يا عمَّتي ، عبدُ الله بنُ عباس منْ صالح المؤمنين يدعو لك ويراكِ .
قالتْ : إنْ شئتَ أنْ تأذنَ له فأذنْ له .
فدخلَ عبدُ الله بنُ عباس رضيَ الله عنهما
فقالَ لها عبدُ الله بنُ عباس :أبشري .
قالتْ : بماذا ؟
فقالَ : ما بينك وبين أنْ تلقي محمَّداً والأحبة إلا أنْ تخرجَ الرُّوحُ منَ الجسدِ . لأنها زوجتُه في الدُّنيا وزوجتُه في الجنَّة صلَّى الله عليه وسلَّم .
فقالَ : ما بينكِ وبين أنْ تلقي الأحبَّة محمَّداً وحزبه والأحبة إلا أنْ تخرجَ الرُّوحُ منَ الجسدِ ، وكنتِ أحبَّ نساءِ رسولِ الله إليه ، ولم يكنْ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يحبُّ إلا طيِّباً .
وهذه منَ السُّنة أنَّ الإنسان إذا دخلَ على الإنسان وهو في سكراتِ الموتِ أنْ يطيِّب خاطرَه وأنْ يحسِّنَ ظنَّه بالله تبارك وتعالى لأنه جاءَ في الحديثِ :" لا يموتنَّ أحدُكم إلا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله جلَّ وعلا "
فالشَّاهدُ أنَّ ابنَ عباس يُحَسِّنُ ظنَّها بالله جلَّ وعلا
ثم قالَ : وسقطتْ قلادتُك ليلةَ الأبواء فأصبحَ رسولُ الله وأصبحَ النَّاسُ ليس معهم ماء ، فأنزلَ الله آيةَ التَّيمُّم ، وأنزلَ الله براءتك منْ فوقِ سبعِ سمواتٍ جاءَ بها الرُّوح الأمينُ ، فأصبحَ ليس مسجدٌ منْ مساجدِ الله إلا يُتلى فيه آناءَ الليل وآناءَ النهار ، أي تُقرأ هذه الآياتُ في براءتكِ .
قالتْ : دعني منكَ يا ابنَ عباس ، والذي نفسي بيدهِ لوددتُ أني كنتُ نسياً مَنْسِيّاً .
وهذا منْ خوفِ الإنسانِ منْ ربِّه تباركَ وتعالى .
وتُوُفِّيَتْ أمُّنا أمُّ المؤمنين عائشةُ رضيَ الله عنها ، وصلَّى عليها أبو هريرةَ في المدينةِ ، ثم دُفِنَتْ في البقيعِ ، ونزلَ معها في قبرِها خمسةٌ : عبد الله بن الزبير وعروة بن الزبير وهما ابنا أختها ، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا القاسم أخيها ، وعبد الله بن عبد الرحمن ابن أخيها أيضاً ، هؤلاء الخمسة نزلوا معها في قبرِها رضيَ الله عنها وأرضاها ، وهذه حكايتُنا عن أمِّنا أمِّ المؤمنين عائشة رضيَ الله عنها.
أسألُ الله تباركَ وتعالى أنْ يحشرَنا وإيَّاكم معها ، والله أعلى و أعلم ، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبِّينا محمَّد .


__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
آل البيت, الله, التاسعة, الحلقة, الصحابة, تفريغ, رضي, سلسلة, عائشة, عنها


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
تفريغ الحلقة الحادية عشرة والأخيرة:سلسلة آل البيت والصحابة: الحسن بن علي رضي الله عنه مصطفى طالب مصطفى قصص هادفة 0 05-29-2015 04:14 PM
تفريغ الحلقة العاشرة: سلسلة آل البيت والصحابة: فاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها مصطفى طالب مصطفى قصص هادفة 0 05-29-2015 04:10 PM
تفريغ الحلقة الثامنة: سلسلة آل البيت والصحابة: علي رضي الله عنه الجزء الثاني مصطفى طالب مصطفى قصص هادفة 0 05-29-2015 03:58 PM
تفريغ الحلقة الثالثة من سلسلة آل البيت والصحابة :العلاقة بين آل بيت النبي والصحابة مصطفى طالب مصطفى قصص هادفة 0 05-29-2015 12:18 AM
تفريغ الحلقة الثانية من سلسلة آل البيت والصحابة :حقوق آل البيت والصحابة وحكم محبتهم مصطفى طالب مصطفى قصص هادفة 0 05-29-2015 12:09 AM

*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 Yacine tv   lبرنامج موارد بشرية   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شراء اثاث مستعمل   تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف بالطائف   شركة تنظيف خزانات بجدة 
 شراء اثاث مستعمل بالرياض   تنسيق حدائق   شركة تنظيف في دبي   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف خزانات بجدة 
 شركة تنظيف منازل بالرياض 
 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل   yalla shoot   يلا شوت   يلا شوت   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
 شركة الرائعون   شركة عزل خزانات   شركة عزل اسطح في الرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح شينكو   شركة عزل خزانات بجدة   شركة عزل خزانات في مكة   شركة عزل خزانات المياه بالطائف   شركة تنظيف مكيفات بجدة   شركة تنظيف بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بتبوك 
 اشتراك كاسبر   kora live   social media free online tools   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة نقل عفش جدة   شركة غسيل خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجده   شركة نقل عفش بجده   شركة تنظيف بالبخار بالطائف   كشف تسربات المياه بالرياض و شركة عزل خزانات المياه بالرياض  شركة تنظيف بالطائف || شركة تنظيف خزانات بالطائف || شركة تنظيف بالبخار بالطائف || شركة مكافحة حشرات بالطائف
شركة تنظيف خزانات بجدة || شركة تنظيف بجدة || شركة تنظيف بالبخار بجدة || شركة مكافحة حشرات بجدة || المهندسين للخدمات المنزلية
متابعين تيك توك || اشتراك كاسبر
شركة تنظيف مكيفات بالرياض || عالم التقنية والربح من النت || شراء اثاث مستعمل بالرياض || شقق تمليك ||
لباد فندقي || بيوت جاهزة || كورة اون لاين ||| kora online ||| شركة حراسات أمنية || ترجمة معتمدة في جدة
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 

للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب

معلوماتي || شركة نقل عفش بالمدينة المنورة


الساعة الآن »06:46 AM.


Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
انشر تؤجر, جميع الحقوق محفوظة لموقع رحيق الشباب